أنواع التركيبات (المستحضرات) الصيدلانية وأشكالها

كان صيادلة العصر الإسلامي يحضرون الأدوية ويجهزونها على هيئات وأشكال مختلفة، بحسب ما يرونه صالحًا للأغراض المطلوبة لها، كما كانوا يتقنون في تنويعها([1]).

واستحدث المسلمون في الأدوية والعقاقير الشيء الكثير؛ كالأشربة بشتى أنواعها من خشاقات وفوارات ولعوقات ومياه عطرية وجلاب Julep ([2]) وعجائن ومستحلبات وربوب Rpob وأيارج (المسهلات) وجوارشنات (الأدوية الهاضمة) والحبوب والأقراص، حيث ابتكر أبو القاسم الزهراوي النوع المكبوس منها عن طريق ضغط العجينة في قوالب حفرت في ألواح خاصة([3]).

كذلك صنع العرب الأدهان التي كانت تستخدم في التدليك من الخارج، وتعرف بالمروخات، أو الأطلية والمراهم التي ابتكروا منها أنواعًا تجف مع الوقت([4]).

كما برع العرب في عمل المساحيق بشتى أنواعها؛ من أكحال لأمراض العين، وسفوفات، وسنونات لعلاج الفم والأسنان، وسعوطات للصداع والالتهابات التي استخدموا لعلاجها مسحوق القهوة المحروقة([5]).

كما نجح العرب أيضًا في إعداد الحقن والحمولات والفرازج النسائية، والفتايل وغيرها من الأقراباذينات التي وصل عدد المفردات فيها إلى ما يقرب من مائتي دواء كالترياق المضادة للسموم([6]).

وسأتكلم بشيء من التفصيل عن بعض أنواع هذه التركيبات والمستحضرات، من ذلك:

 الشراب Syr up

وهي عبارة عن سوائل أساسها السكر والماء، وبها مواد علاجية، فإن عملت مما يعتصر ماؤه كالرمان فيوضع المثلين من السكر على مثل من مائها، وتطبخ حتى تتعقد، ويدين الطب للعرب في أنهم بدلوا الأدوية المرة التي يستعملها القدماء بأدوية حلوة مستساغة؛ وذلك أنهم كانوا أول من أدخل السكر الذي كان مجهولًا عند اليونان في الصيدلة وبخاصة في صناعة الأشربة، ولا غرو فكلمة Syr up كلمة عربية أصلها شراب([7]).

ولقد أشارت المستشرقة الألمانية زيغريد هونكه في كتابها: شمس العرب تسطع على الغرب ما نصه: (إن الطب يدين لعلم الكيمياء العرب بسلسلة من أشكال العقاقير الحلوة كالشراب Syr up المستخرج من نبات الكرنب مع السكر الذي مثل دورًا هامًّا في تاريخ الطب، والجلاب وهو شراب حلو المذاق مُنْعِش أقَلّ كثافة من الشراب والفاكهة المطبوخة بالعسل والسكر)([8]).

الأقراص والسفوفات

أشهرها قرص الورد، وينفع لضعف المعدة، وتقوية الكبد، وقرص الطباشير الكافوري، ويفيد في الحميات الصفراوية، وقرص العود، ويفيد القلب والكبد، وقرص الجلنار لأمراض الأمعاء وقرص الخشخاش للسعال، وغير هذه الأقراص([9])، ولقد برز الرازي في صناعة الحبوب، حتى إنه فكر في مرضاه الذين يشكون حساسية مرهفة، ويعجزون عن تناول الأدوية، فغلف الحبوب المرة بغلاف من السكر، ومزج عصير الفاكهة بالسكر والعسل حتى تذهب مرارتها، وكان ابن سينا هو الذي غلف الأدوية القلبية بالذهب والفضة([10]).

 الأدهان

تطلق على الزيوت الثابتة أو الشحوم والأرواح الزيتية مفردة كانت أو مركبة، وتستخرج من مواد معينة بعمليات مثل العصر والتقطير، وهي من التراكيب القديمة، وهي كثيرة المنافع، استعملها العرب في العلاج من الخارج بالتدليك.

أطرفلات (طريفل) Try phera

وهي نوع من العجائن، أساس محتوياتها من واحد أو أكثر من الإهليلجات، كما يكون بها بعض الأفاوية، وذكر ابن سينا أنها تنفع في سوء الهضم وبرد المعدة والأمعاء([11]).

 الغراغر والسعوطات

وتستعمل الغراغر لأوجاع الحلق، أما السعوطات فتفيد الدماغ، وتؤخذ بطريقة الاستنشاق، ومنه أنواع كثيرة. لوحة رقم (14).

الأكحال والشيفات

وتستعمل لأمراض العين وتقوية الإبصار بها، ومنها أنواع كثيرة بحسب شكوى المريض وصنف رمده.

الحقن والفتايل والفرزجات

ومن الحقن ما يُسْتَعْمَل لتليين الأمعاء أو لآلام القولون، ومنها ما يفيد أوجاع الظهر والمفاصل والرحم وقروح الأمعاء. أما الفتايل فمركبات من الأدوية بحجم نوع التمر، وتستخدم لأمراض الأمعاء.

أما الفرزجة فمركبات تحمل في المِهْبَل لإسقاط الأجِنَّة المائية أو لِمَنْعِ الحمل أو لتسهيله أو لدر الطمث([12]).

 الترياقات

الترياق لفظ مشتق من تيرون اليونانية، وهو اسم لما ينهش من الحيوان كالأفاعي، استعمل في أول الأمر مضادًّا للسموم عامة، وكذلك دواء لكل مرض عام، بدأه اندروماخس بحب الغار إلى أن وصلت في العصور اللاحقة عدد المفردات في الترياق إلى ما يقرب من 200، وتعجن بالشراب وبالعسل، وذلك خلال العصر الإسلامي([13]).

 اللعوقات Lohook

تصنع غالبًا بخلط مساحيق العقاقير بالسكر أو بالشراب أو بالعسل والخوارش، وهي تؤخذ بالفم لتخفيف الكحة وعلاج أوجاع الصدر، وهي في المعتاد تحتوي على مواد مخاطية لعابية وعسل وزيت لوز، واللفظ مشتق من الفِعْلِ لَعِقَ([14]).

وهناك أيضًا المراهم، والمربيات، والمطبوخات، والنقوعات، والمعاجين، واللطوخات، والقطورات وهي سوائل تستعمل في تقطير العين والأنف ([15]).