هو علي بن الحزم أبو الحسن علاء الدين القرشي، اشتهر بلقب ابن النفيس لنفاسة عقله وعلمه، وهو عالم موسوعي رحل إلى مصر واستوطن بها في مدينة القاهرة، وأصبح عميدًا للمارستان الناصري الذي أنشأه قلاوون، وصار طبيبًا خاصًّا للظاهر بيبرس، وحظي في القاهرة بالاحترام والمكانة([1]).
ذكر ابن كثير أن ابن النفيس قد توفي في ذي القعدة سنة سبع وثمانين وستمائة من الهجرة([2]).
والمعروف أن شهرة ابن النفيس ترجع لما يرتبط باسمه من كشفه للدورة الدموية الصغرى، ولكن الجانب الآخر من شخصية ابن النفيس التي يغفلها الكثيرون هي الطبيب الصيدلي الذي ألَّفَ عن العلاج والأدوية والعقاقير الكثِيرَ مِنَ الكتب والمقالات، والتي أسهمت بدورها في النهضة للصيدلية العربية.
لقد قدم ابن النفيس خدمة جليلة للطب حين قام بتيسير مداواة المرضى وتطوير طرق العلاج، ونادى بأن تنظيم غذاء المريض أكثر فائدة له من الاعتماد على الأدوية وحدها، ولذلك كثر وصفه للغذاء والأدوية المفردة غير المركبة، وظهر ذلك جليًّا في كتابه (موجز القانون في الطب) الذي عني فيه بوصف ما رآه مناسبًا وصالحًا من الأدوية([3]).
ولقد رتب ابن النفيس كتابه الموجز في الطب على أربعة فنون
- في قواعد جُزْئَيِ الطِّب؛ أي عمله وعلمه.
- في الأدوية والأغذية المفردة والمركبة
- في الأمراض المختصة لكل عضو وأسبابها وعلاماتها وعلاجاتها.
- في الأمراض التي تختص بعضو دون عضو، أسبابها وعلاماتها وعلاجاتها، وعن العلاج بالدواء، فقد ذكر ابن النفيس أن له قوانين ثلاثة:
الأول: اختيار كيفيته بعد معرفة نوع المرض ليعالج بالضد.
الثاني: اختيار وزنه ودرجة كيفيته.
الثالث: ترتيب وقته، وهو أن يعرف في أي وقت من الأوقات حدث المرض.
وقد أوصى ابن النفيس بالحمام قبل الدواء وبعده، وحذر من أن الأكل يقلل من مفعول الدواء لاشتغال الجسم بهضم الغذاء، وأوصي بالقيء المتعمد مرتين في الشهر، وألا يعتاد الإنسان على كسل الأمعاء، وأن يتناول المسهلات بتدرج من الأضعف إلى الأقوى، وألا يستمر على دواء واحد حتى لا تألفه الطبيعة، وإذا أمكن الاستغناء بالأغذية عن الأدوية فذلك أفضل.
وعن الأدوية المفردة فقد أوصى ابن النفيس بتناول الدواء المعتدل المفرد على قدر الإمكان بدلًا من الأدوية المركبة، مثل الترياق، والتي تؤثر في كل واحدة من تلك الممتزجات على حدة مما يحدث آثارًا متضادة، وكذلك بيَّنَ أن تأثير الدواء إما أن يكون خارجيًّا فقط مثل الضمادات، أو أن يكون داخليًّا عند شربه، وأوضح كذلك أن الأدوية تعرف قواها بطريقتين: التجربة، والقياس. وصدق التجربة أفضل، وكذلك أن ما يدل على كيفية تأثير الدواء هو سرعة مفعوله أو بطئه، وأورد ابن النفيس أسماء عديدة للأدوية، منها:
الدواء الكثيف، والدواء الهش، والدواء اللطيف، والدواء اللزج، والدواء الجامد، والسائل اللعابي، والدواء الدهني والمخشن، والدواء المفتح، والدواء المرخي والدواء الهاضم، والدواء المنضج، والدواء الترياق، وغيرها من الأدوية([4]).
كذلك لابن النفيس كتاب (شرح تقدمة المعرفة في الطب لأبقراط)، وهو عبارة عن ثلاث مقالات ضمنها تعريف العلامات في الأزمنة الثلاثة، وعرف أنه إذا أخبر بالماضي وثق به المريض فاستسلم له فيمكن بذلك علاجه، وإذا عرف الحاضر قابله بما ينبغي من الأدوية([5]).
ولابن النفيس كتاب (شرح القانون) وهو أربعة أجزاء تكلم فيه عن كليات الطب والأدوية البسيطة والمركبة، والأمراض من الرأس حتى القدم، وله كتاب المختار في الأغذية، وكتاب النبات في الأدوية المفردة([6]).