الصيدلة العربية من خلال المخطوطات المزوقة بالتصاوير

تعتبر دراسة المخطوطات الطبية والصيدلانية عامة والمصورة بوجه خاص ذات أهمية بالغة للحضارة العلمية الإسلامية؛ وذلك لأن هذه المخطوطات تلقي الضوء على جانب هام من جوانب الحضارة الإسلامية وهو علم الطب والصيدلة، وتعطي فكرة واضحة بالصور الملونة التى لا لبث فيها ولا غموض عن الأطباء والصيادلة والمرضى والعقاقير وأشكال الصيدليات في العصور الوسطى ومحتوياتها.

كما تعطينا هذه المخطوطات فكرة واضحة عن الأدوات الصيدلانية المستخدمة في العصر الإسلامي وطرق وضعها في الصيدليات.

وأعطتنا هذه المخطوطات فكرة واضحة عن الطرق المتبعة في جمع النباتات الطبية التي تستخدم في صناعة العقاقير، وطرق إعداد الأدوية وتحضيرها وفحصها ووزنها وتقطيرها وتصنيفها، والأجهزة المستخدمة في إعدادها.

كذلك إلقاء الضوء على الملابس التي تميز الأطباء والصيادلة في العصر الإسلامي. كما ألقت هذه المخطوطات الضوء على الكثير من النباتات الطبية والتي يوجد لها الكثير من الصور الملونة.

وتنقسم المخطوطات الإسلامية إلى قسمين:

مخطوطات أدبية موضحة بالصور([1]).

مخطوطات علمية موضحة بالصور.

ويهمنا في هذا المجال المخطوطات العلمية، لاسيما وأن موضوع البحث يرتبط بموضوع علمي بحت وهو علم الصيدلة.

ومن أهم وأشهر المخطوطات العلمية الموضحة بالصور التي وصلتنا: نسخة مترجمة من كتاب الترياق لجالينوس، وأهم نسخ هذا الكتاب مخطوط كشفه د. بشر فارس، وهو موجود في المكتبة الأهلية في باريس، ويحتوي هذا المخطوط على ما يقال بأنه (جوامع المقالة الأولى من كتاب جالينوس في المعجونات التي ذكرنا فيها معجون الترياق خاصة بتفسير يحيى الإسكندراني) وقد كتب هذا المخطوط محمد ابن عبد الواحد، وليس للمخطوط قيمة علمية كبيرة؛ لأنه أقرب إلى الخرافات والأساطير، ويشتمل المخطوط على ثلاث عشرة صفحة مصورة لأشكال النبات وجدول لرسومات الحيات، بالإضافة إلى مجموع صور تمثل مشاهير الأطباء الأقدمين كل منهم في غرفة يحاور تلاميذه.

وصور هذا المخطوط تدور حول الطبيب الشهير أندروماخس، ودوره في ابتكار بعض الترياقات المضادة للسموم([2]).

وتوجد نسخة أخرى من هذا المخطوط تنسب إلى الموصل، وهي محفوظة بالمكتبة الأهلية في باريس، ويرجع تاريخها إلى منتصف القرن 7هـ/13م، وتدور صوره حول الطبيب أندروماخس والحيات وسمومها والترياقات([3]). لوحة رقم (16).

ومن أشهر المخطوطات العلمية المزوقة في مجال علم النبات والصيدلة مخطوطة الحشائش، أو الترجمة العربية لكتاب ديسقوريدس، ويسمى كتاب الحشائش أو خواص العقاقير أو خواص الأشجار، وقد وصلتنا منه عدة نسخ أهمها تلك النسخة المحفوظة في متحف طوبقا بوسراي في إستانبول([4])، وهذه النسخة مؤرخة بسنة 621هـ 1224م، وتنسب إلى مدينة بغداد، وربما من صور هذا المخطوط مجموعة انتُزِعَتْ منه، وتحتفظ بها بعض المتاحف العالمية نذكر منها على سبيل المثال صورة تمثل معملًا أو مختبرًا تستخلص فيه بعض العقاقير الطبية، وهذه الصورة محفوظة بمتحف المتربوليتان بنيويورك، ويشاهد في هذه الصورة حانوت تجري بداخله العملية؛ أي أنه بمثابة خلفية معمارية تضم بداخلها جميع رسوم الصورة، ولقد قسمها المصور إلى مستويين: الأول، وتجري فيه الأحداث الرئيسية للصورة؛ حيث يجلس شخص على مقعد وأمامه يقف شخص آخر وقد انهمك في تحضير بعض العقاقير بداخل إناء كبير يفصل بين الشخصين، وقد وضع الإناء على موقد تخرج منه ألسنة اللهب، ويمسك في يده اليمنى آلة يقلب بها المزيج أو رُبَّمَا أنه يهم بغرف بعض المزيج ليضعه في إناء يمسكه بيده اليسرى.

أما المستوى الثاني من الصورة في هذا الحانوت فقد اصطفت به بعض الأواني والقوارير التي مُلِئَتْ بالعقاقير الطبية. ولقد وفق المصور أو الرسام هنا في استخدام خلفية معمارية بسيطة بأسلوب اصطلاحي ليعبر بها عن صيدلية([5]).

والمخطوطة بعد سلب ونزع معظم صورها تضم سبع عشرة صورة تمثل النباتات والحيوانات والطيور والحشرات، وموضوعات الصور تعكس لنا حياة الأطباء والمشتغلين بتحضير العقاقير من النباتات الطبية ([6]).

ومن الصور التي تنسب إلى هذه المخطوط صورة محفوظة بمتحف اللوفر في باريس مؤرخة بسنة 621هـ 1224م، وتحمل هذه الصورة كتابة تمثل عنوان (صناع الرصاص) ويظهر في الصورة صانعان يجلسان حول إناء كبير، وقد أخذ أحدهما يقلب ما في الإناء بآلة يقبض عليها بيديه، في حين يجلس الآخر ويشير بيده اليمني وكأنه يوجه إليه بعض التعليمات([7]). لوحة رقم (17).

كما توجد نسخة أخرى من مخطوط ديسقوريدس في مكتبة ضريح الإمام الرضا بإيران، وهو نسخ عربية 248 ورقة تضم 677 صورة للنباتات، و284 صورة للحيوان([8]). ومن أشهر المخطوطات الطبية المزوقة بالتصاوير والتي ترجع للعصر المملوكي بمصر مخطوطة من رسالة (دعوة الأطباء) لابن بطلان المختار بن حسن بن بطلان البغدادي، وهي محفوظة في مكتبة الأمبروزيانا في ميلان، نسخ محمد بن قيصر الإسكندري سنة 672هـ/ 1273م([9])، وتضم المخطوطة بعض صور لصيدليات وصور الأطباء يفحصون مرضاهم([10]).

كذلك توجد تصويرة من نسخة مترجمة من كتاب الحشائش لديسقوريدس تنسب إلى العراق 561هـ/ 1200م تمثل نبات قليماطيس محفوظة في دار الآثار الإسلامية متحف الكويت الوطني تحت رقم Mo 38 Lns([11]) لوحة رقم (18).

وتحتفظ المكتبة الوطنية في باريس بتصويرة من نسخة مترجمة من كتاب الترياق المنسوب إلى جالينوس ينسب إلى شمال العراق أيضًا، يمثل الطبيب أندروماخس يقوم بالإشراف على جمع بعض النباتات الطبية داخل أحد الحقول، والصورة تحت رقم 2964([12]) لوحة رقم (19).

كذلك توجد تصويرة عن نسخة مترجمة من كتاب الحشائش لديسقوريدس تمثل نبات العدس محفوظة بمتحف طوبقا بوسراي بإستانبول تحت رقم 2127 ورقة 80 م تنسب إلى شمال العراق أو الشام 626هـ 1229م([13]) لوحة رقم (20).

كذلك توجد صورة أخرى من مخطوط خواص العقاقير تمثل ديسقوريدس وهو جالس وأمامه منضدة عليها بعض العقاقير. لوحة رقم (21).

كما توجد لوحة أخرى من مخطوط الأعشاب الطبية تمثل ديسقوريدس وأحد تلاميذه. لوحة رقم (22).

كما توجد الكثير من مخطوطات الصيدلة التى تناولت كل ما يتعلق بعلم الصيدلة والأدوية وتركيباتها، وهذه المخطوطات أمدتنا بالكثير من المعلومات عن الصيدلة في العصور الوسطى، وهذه المخطوطات محفوظة في الكثير من متاحف العالم. لوحات أرقام (23، 24، 25).