الظاهر بيبرس

(658 – 676هـ)(648 – 922هـ = 1250 – 1516م)

الظاهر ركن الدين بيبرس البندقدارى هو المؤسس الحقيقى لدولة المماليك البحرية وهو الرابع من ملوك الترك بمصر كانت مدة حكمه تسعة عشرا عاما وشهرين ، تولى السلطنة فى عام 658هـ وبعد عام واحد بايع السلطان بيبرس الخليفة العباسى وأحضره الى مصر

فقد أصبح الشرق الإسلامي بعد سقوط بغداد وانتقال الخلافة العباسية إلى القاهرة خاضعاً لهذه السلطة الدينية الشكلية التي استقرت من الآن في العاصمة المصرية. ونتج عن ذلك زيادة في عدد سكان مصر، أولاً بسبب نزوح العديد من اللاجئين الذين فروا إليها من الشرق أمام الغزو المغولي واستقروا على الأخص على جانبي الخليج وحول بركة الفيل وفي منطقة الحسينية شمال القاهرة الفاطمية، حيث أسس الظاهر بيبرس جامعه الكبير في سنة 665هـ/1266م.
وثانياً بعد فرار قسم من جيش هولاكو إلى مصر سنة 660هـ/ 1261م أنزلهم السلطان الظاهر بيبرس “في دور قد أمر بعمارتها من أجلهم في أراضي اللوق” على الجانب الغربي للخليج، ثم قدوم “الوافدية” فيما بعد والذين أقاموا في حكر أقبغا في أقصى شمال الفسطاط عند السبع سقايات بالقرب من قناطر السباع، فقد أحيت هذه القناطر التي أقامها الظاهر بيبرس في منطقة السيدة زينب الحالية لتربط جانبي الخليج، فى هذه المنطقة. وهكذا فإن سلطنة الملك الظاهر بيبرس تمثل مرحلة هامة في مراحل نمو مدينة القاهرة وتجسيداً مسبقاً للانفجار العمراني الذي عرفته المدينة في القرن الثامن الهجري/ الرابع عشر الميلادي2فاهتم بيبرس بعمارة قلعة الروضة كما أنشأ الميدان الأسود وهو الميدان الأخضر وميدان العيد وميدان السباق وميدان القبق خارج القاهرة من شرقيها للتدريب علي رمي النشاب وأمور الحرب في الموضع الذي به الآن قرافة المجاورين وقرافة قايتباي وبني مصطبة للمشاهدة في (محرم 666هـ = سبتمبر 1267م) في سلطنة الملك الناصر محمد بن قلاوون بنيت فيه القبور شيئاً بعد شيء حتى انسد طريقه واتصلت المباني من ميدان القبق إلي تربة الروضة خارج باب البرقية.

وفي الغرب انحصر ماء الميل فجعل الملك الظاهر ميدانه بطرف اللوق تجاه قنطرة قداه دار في موضع الأرض المواجهة لموضع قصر النيل إلي شارع مصر العتيقة وصار يلعب فيه بالكرة إلي زمن الناصر محمد بن قلاوون فجعل بستاناً من أجل بعده عن النيل

وجدد قنطرة السباع عند السيدة زينب ثم جاء أكثر من 1000 ألف فارس من التتر بنسائهم وأولادهم من الشام مسلمين ومستأمنين في (24 ذي الحجة 666هـ = سبتمبر 1268م) فأكرهم الظاهر وأنزلهم في دور باللوق كان قد أعدها لهم ، ثم صارت تفد إليها جماعة منهم بعهد جماعة فتزايدت العمائر باللوق وما حوله

كما عمرت منشأة المهراني (671هـ = 1272م) وبنيت بها المساجد والدور بدلاً من قمائن الطوب وهي موضع الماوردي الذي يتوصل منه إلي القصر العيني وفي (672هـ = 1273م) بني جامع أثر النبي بجهة دير الطين وكثرت العمائر حوله ومن الآثار الباقية للظاهر بيبرس : بقايا المدرسة الظاهرية بين القصرين ، وجامع الظاهر بحي الظاهر حالياً ، وكان محله قبل ذلك ميداناً لقراقوش الأسدي في الدولة الأيوبية.

ومات الظاهر في دمشق (أول 676هـ = 1277م) بالإسهال والحمي.

التطور العمرانى بالقاهرة في أيام الظاهر بيبرس

اتسعت مساحة القاهرة وبني الظاهر وعمر بقلعةالجبل دار الذهب ، وشيد قبة عظيمة محولة علي اثني عشر عموداً من الرخام ، وصور فيها سائر حاشيته وأمرائه علي هيبتهم ، وعمر بالقلعة أيضاً طبقتين مطلتين علي رحبة الجامع (هدمه الملك الناصر محمد بن قلاوون وأدخله في الجامع الذي أنشاه سنة 718هـ وأنشأ برج الزاوية المجاورة لباب القلعة (الباب المدريج) ، وأخرج منه رواشن ، وبني عليه قبة وزخرف سقفها. وأنشأ برحبة باب القلعة داراً كبيرة لولده الملك السعيد. وأنشأ دوراً كبيراً بظاهر القاهرة برسم الأمراء ، وأنشأ حماماً بسوق الخيل لولده الملك السعيد وأنشأ الجسر الأعظم (بين برة قلاوون وبركة الفيل) والقنطرة التي علي الخليج (قناطر السباع) وأنشأ الميدان بالبورجي وتقل إليه النخيل بالثمن الزائد من الديار المصرية ، فكانت أجرة نقله ستة عشر ألف دينار ، وأنشأ به المناظر والقاعات والبيوت وجدد بالديار المصرية ، فكانت اجرة نقلة ستة عشر الف دينار ، وانشا به المناظر والقاعات والبيوت وجدد جامع الاقمر والجامع الازهر ، وبني جامعه الكبير بالحسينية وانفق عليه فوق الاف الف درهم. وانشا قريباً منه زاوية الشيخ خضر وحماماً وطاحونا وفرنا ، وعمر بالقياس قبة رفيعة مزخرفة ، وانشا عدة جوامع بالديار المصرية وجدد قلعة الجزيرة وقلعة العمودين ببرقة وقلعة السويس ، وعمرا جسراً بالقليوبية والقناطر علي بحر ابي النجا وقنطرة بمنية السيرج. الخ.لقد بني في ايام الملك الظاهر بيبرس بمصر ما لم بين في ايام الخلفاء الفاطميين ، ولا ملوك بني ايوب من الابنية والرباع والخانات والقواسير والدور والمساجد والحمامات من قريب مسجد التبن الي اسوار القاهرة الي الخليج ، وارض الطبالة ، واتصلت العمائر الي باب المقسم ( المقس ) الي اللوق الي البورجي ومن الشارع الي الكبش وحدرة ابن قميحة الي تحت القلعة ومشهد السيدة نفيسة الي السور القراقوشي.

 نبذة عن تطور القاهرة العمراني في عهد الظاهر

بلغت القاهرة القمة في تطورها العمراني في العصر المملوكى (648 – 923هـ/1250 – 1517) وقد اتسع مدلول لفظ القاهرة بين المؤرخين والرحالة وكتاب الخطط في العصر المملوكة ليشمل المدينة المسورة التي بناها الفاطميين، وظواهرها أي الخطط والحارات التي بنيت خارج الأسوار، وكذلك شمل العواصم القديمة الفسطاط ، والعسكر والقطائع، بالإضافة إلى القلعة، إلى جانب الضواحي الشمالية، وذلك لاتصال التعمير في كل هذه الأنحاء حتى غدت القاهرة كبرى مدن العالم آنذاك.

ومنذ أوائل الدولة المملوكية زاد عدد سكان القاهرة نتيجة للهجرات التي جاءتها من شرق العالم الإسلامي فراراً من المغول، فوجب ذلك زيادة مساحة القاهرة، ويتضح ذلك جلياً في سلطنة الملك الظاهر بيبرس البندقداري (658 – 676هـ/1260-1277م) حيث بني في أيامه ما لم بين في أيام الخلفاء المصريين (الفاطميين) ولا ملوك بني أيوب من الأبنية والرياع والخانات والقواسير والدور والمساجد والحمامات، من قريب مسجد التبن إلى أسوار القاهرة إلى الخليج وأرض الطبالة، واتصلت العمائر إلى باب المقسم إلى اللوق إلى البورجي، ومن الشارع إلى الكبش وحدرة ابن قميحة إلى تحت القلعة ومشهد السيدة نفيسة رضى الله عنها إلى السور الفراقوشي.

وكان الملك الظاهر بيبرس قد امر في سنة 660هـ/1261م بعمارة الجانب الغربي للخليج بالدور الكثيرة في منطقة باب اللوق إسكان قسم من جيش هولاكو قائد المغول في إلى مصر في تلك السنة.

وقد اهتم الظاهر أيضا بمنطقة جنوب غرب القاهرة حينما عمر قناطر السباع على الخليج ليسهل العبور بين ضفتي الخليج وييسر الطريق بين القاهرة ومصر القديمة، عمر الجسر الأعظم الفاصل بين بركتي القبل وقارون جنوبي القاهرة حتى ييسر الطريق إلى القلعة وشيد قناطر السباع ونصب على هذة القناطر سباعا من الحجارة وكام السبع رنك وشعر بيبيرس ومن هنا حاءت تسمية القناطر باسم قناطر السباع وكانت موجودة على الخليج المصرى وكانت تعرف ايضا باسم قنطرة السيدة زينب وقد اهتم الظاهر بيبرس بالقلعة اهتماماً كبيرا فعمر بها عمارات عظيمة جعلتها أشبه بالمدينة، واهتم بالأسواق حولها وخصوصا سوق الخيل بالرميلة وأنشأ به حماماً لوالده الملك السعيد وقد عمل الظاهر على اتصال العمارة من باب زويلة إلى القلعة ، فأنشأ في تلك المسافة بيوتاً للأمراء يسكنوها بحاشيتهم واتباعهم لأنه (كان يكره سكنى الأمير بالقاهرة مخافة من حواشيه على الرعية).

وعمل الظاهر أيضا على تعمير القاهرة خارج سورها الشمالي، فأسس في سنة 665هـ/1266م جامعة الكبير شمال الحسينية، وأنشأ زاوية الشيخ خضر على الخليج بجواره،وبني حماماً وطاحوناً وفرناً، وبدأ حي الحسينية يتطور منذ أيامه حتى بلغ أوج ازدهاره في أيام سلطنة الناصر محمد بن قلاوون الثالثة (709 – 740هـ/1310/1341م)

أما عن القاهرة الفاطمية فكانت مكتملة العمارة في ذلك الوقت وإن ما كان يحدث بها إما مجرد ترميم أو تعمير لخرائب أو هدم وإعادة بناء،وقد عمر بها الظاهر مدرسة عظيمة ذات تخطيط جديد اتخذ نبراساً لما بني بعدها من مدارس، وكان لها دور علمي كبير في العصر المملوكي ، بالإضافة لذلك فقد جدد الظاهر بعض الجوامع السابقة مثل جامع الفكهاني الذي بناه الخليفة الفاطمي الظاهر (544 – 549هـ/ 1149 – 1154)م وجدد الجامع الأزهر، وأعاد إليه خطبة الجمعة بعد أن توقفت مائة عام، وقد اهتم بيبرس بجزيرة الروضة ورمم المقياس بها.