المحتوي
قبل أن يخترع الإنسان فى العصر الحديث الساعات التي نعرفها اليوم كان انسان العصور الوسطى لا سيما المسلمون في حاجة ماسة لمعرفة الوقت وتحديده وذلك لارتباط الصلوات المفروضة عليهم بمواقيت محددة في اليوم لذا فقد اجتهد علماء المسلمون في ذلك العصر واهتموا بعلم الفلك كما عملوا على ابتكار الآلات والأدوات التي يتمكن بها المسلمون من معرفة أوقات صلواتهم حتى نجحوا في إيجاد علم خاص بالساعات أطلقوا عليه علم (البنكامات) ولقد بلغ هذا العلم أوج تطوره في القرنين الثاني والثالث الهجريين حيث ظهر في هذه الفترة عدد من العلماء الذين كان لهم الفضل في تطوير العلوم العربية والوصول بها الى مرحلة العالمية ولقد انعكس هذا التطور على علم الساعات ومن هؤلاء العلماء أولاد موسى ابن شاكر الذين ساهموا بشكل كبير في تطوير علم الحيل (الميكانيكا) ولقد تطور هذا العلم على صناعة الساعات حيث ظهرت اشكال عديدة للساعات منها الساعات الميكانيكية والمائية وغيرها من الأدوات التي تساعد على معرفة الوقت بدقة متناهية .
ففي عام 238هـ ظهرت الميقاتة التي ابتكرها العالم عباس ابن فرناس وكانت تختص بتحديد الوقت فهي آلة لقياس الزمن وزخرفها ابن فرناس بكتابة بعض أبيات من الشعر عليها منها:
الا انني للدين خير أداة إذا غاب عنكم وقت كل صلاة
ولم تر شمس بالنهار ولم تنر كواكب ليل حالك الظلمات
ليمن امام المسلمين محمدا تجلت عن الأوقات كل صلاة
وهذه الآلة كانت تماثل الساعة بدقائقها وثوانيها ومن المحتمل أن تكون الميقاتة هي ساعة الشمس ذات الشكل الدائري الذي يتوسطه محور ظاهر وتستطيع ان تحدد موضع الشمس في كل حين وكذلك تحديد الوقت وصنع التقاويم الزمنية وهي تسمى ساعة الرحلة , ولقد أصبحت هذه الآلة فيما بعد أساسا لاختراع ساعات الماء وساعات الزئبق وساعات الشمس والساعات المائية القاذفة للكرات .
ثم ظهر بعد ذلك العالم عبد الرحمن ابن يونس الصدفي في مصر فى العصر الفاطمي والذي تمكن من ابتكار بندول الساعة أو الرقاص والذي أدى ابتكاره إلى تطوير علم الساعات بشكل كبير وذلك قبل أن يظهر جاليليو بخمسمائة عام على الأقل ولم يزد جاليليو على رقاص ابن يونس الصدفي سوى أنه وضع القوانين التي تسيطرعلى حركة البندول ثم ظهر بعد ذلك بعض العلماء المسلمين الذين استطاعوا تطويرعلم البنكامات وتخصصوا في صناعة الساعات الميكانيكية ومن أشهرهم محمد ابن رستم الخراساني الساعاتي والذي صنع ساعة ميكانيكية ضخمة وضعها خارج الباب الشرقي بالجامع الاموي بدمشق أيام الملك العادل نور الدين محمود والتى أفاض المؤرخون فى وصفها ولقد شاهد هذه الساعة الرحالة ابن جبير عند زيارته لمدينة دمشق ووصفها ابن حبير فقال ” عن يمين الخارج من باب جيرون في جوار البلاط الذي أمامه غرفة لها هيئة طاق كبير مستدير فيه طيات صفر قد فتحت أبوابا صغارا على عدد ساعات النهار ودبرت تدبيرا هندسيا فعند انقضاء ساعة من النهار تسقط صنجتان من فمي بازين مصورين قائمين على طاستين أحدهما تحت أول باب من تلك الأبواب والثاني تحت آخرها والطاستان مثقوبتان فعند وقوع البندقتين منهما تعودان داخل الجدار إلى الغرفة وتبصرالبازان يمدان عنقيهما بالبندقتين إلى الطاستين ويقذفانها بسرعة بتدبير عجيب تتخيله الأوهام سحرا وعند وقوع البندقتين في الطاستين يسمع لهما دوى وتنغلق الباب الذي هو لتلك الساعة للحين و لا يزال كذلك عند انقضاء كل ساعة من النهار حتى تنغلق الابواب كلها وتنقضى الساعات ثم تعود الى حالها الأول ولها بالليل تدبير أخر وذلك أن في القوس المنعطفة على الحيطان الطيقان المذكورة 12 دائرة من النحاس مخرمة تعترض في كل دائرة زجاجة من داخل الجدار في الغرفة يدير ذلك عليها من خلف الطيقان المذكورة وخلف الزجاجة مصباح يدور به الماء على ترتيب مقدار الساعة فاذا انقصت عم الزجاجة ضوء المصباح وفاض على الدائرة أمامها شعاع فلاحت للابصار دائرة محمرة وقد وكل بغرفة الساعة متفقد لحالها مدرب بشأنها معيد فتح الأبواب ووصرف الصنوج إلى مواضعها ” .
كذلك ابتكر ابن رستم اقسام كل ساعة ليعلم ما مضى من كل ساعة وما بقى منها كما أنه ابتكر الأهلة التي تقوم على أبواب ساعاته ولم يسبقه إلى ذلك أحد من صناع الساعات المسلمين .
ولقد كانت مهنة صناعة الساعات واصلاحها تورث من الأباء إلى الأبناء مثلها مثل كل المهن والصناعات الاخرى حيث ظهر بعد محمد ابن رستم الساعاتي ابنه رضوان الساعاتي والذي تخصص في صناعة الساعات واصلاحها حتى انه أصلح ساعة ابيه التي كانت على أحد ابواب دمشق (باب جيرون)
ثم جاء بعد ذلك أحد أبرز علماء المسلمين في علم الحيل (الميكانيكا ) والذي ساهم بشكل كبير في تطوير التكنولوجيا العربية فى العصور الوسطى وهو العالم ابن الرزاز الجزري الذي سجل ابتكاراته واختراعاته في كتابة الهام (الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل) ولقد أسهم الجزري بشكل كبير في تطور علم البنكامات او الفنكامات (علم الساعات) فلقد اخترع ساعة الطبالين وبها الطبالون يدقون طبولهم بعد كل ساعة تمضى.
ومن الساعات الضخمة التي صممها وبناها الجزري وشرحها في كتابه (كتاب في معرفة الحيل الهندسية) وشرح اجزائها بالرسوم تلك الساعة الضخمة التي ظهر على وجهها الشمس والقمر والأبراج الفلكية والتي تحركت بسرعة ثابتة وخرجت منها الطيور لتقذف كرات صغيرة من مناقيرها فوق صنوج نحاسية تدق معلنة التوقيت وتفتح الأبواب لتظهر منها تماثيل صغيرة كما يوجد زورق تجلس فوقه جوقة موسيقية مكونة من أربع عازفات بينما يجلس الأمير مستمتعا في صحبة أربعة من الضيوف يشربون من الكؤس ويقف في ذيل القارب مراكبي بمجداف .
ولقد اعتمد عمل هذه الآلة على المياة التي كانت تخزن داخل المياه في الزورق وتنظم انسيابها عوامة تهبط بقدر ثابت فعندما ينساب الماء من الخزان إلى وعاء به باب ينفتح فجاءة في لحظة معينة ويندفع الماء بعدها إلى مغارف ساقية صغيرة تدور رأسيا ومتصلة بمحور عليه حربات تحويل الحركةالتي تحرك قضبانا متصلة بأيادي التماثيل فيتحرك ويهتز كل شئ
إن ما اخترعه الجزري كان الأساس والأب للساعات المائية التي انتشرت في اوروبا فيما بعد والتي مهدت الطريق لظهور التكنولوجيا في المجالات المختلفة كذلك اخترع العالم الجزري الساعة الفيلية وهي ساعة مستوية بها فيل يرفع خرطومه مرة أو عدة مرات كلما مضت ساعة من الزمن أو عدة ساعات .
ومن العلماء المسلمين الذين ساهموا في تطور الساعات ابن الشاطر الذي يرجع إليه الفضل في ابتكاره لأول ساعة حائط ميكانيكية فى العالم وكانت كل أجزائها من المعدن وليس فيها شئ من الخشب ولم يزد قطر هذه الساعة عن 30سم وكانت أول نموذج ومن أشهر انجازات الجزري في مجال علم البنكامات ما قدمه في كتابه وهو ساعة الشمعة والتي قدم لها وصفا رائعا موضحا بالرسوم وهي على مقياس اصغر من الساعات المائية وفي هذا النوع من الساعات كانت الشمعة محددة تماما بالحجم والوزن. وهي شمعة رفيعة عليها علامات ذات مسافات ثابتة (عادة تكون مرقمة) ، وعندما تُحرق تدل على مقدار الزمن الذي مضي ، فهي تقدم طريقة ذات كفاءة جيدة للدلالة على الوقت في الليل أو الأيام الغائمة أما قلم الكاتب الموجود بالساعة فيعلم المرور والزمن كل أربع دقائق . .
ويعتبر ابن الشاطر هو مبتكر لساعات الحائط الميكانيكية المعدنية واستغنى بذلك عن الساعات الرملية وساعات الماء وآلاتها الخشبية الكبيرة الطويلة والتي كان طولها يصل إلى عدة أمتار على يد صانعها رستم الساعاتي
كما أبدع ابن الشاطر ألة لضبط أوقات الصلاة سماها البسيط وضعها في احدى مآذن الجامع الأموي ولابن الشاطر رسالة أسماها (العمل بالدقائق بإختلاف الآفاق المرئية
وقد صنع آلة لضبط الوقت وسماها البسيط ووضعها في مأذنة العروس في الجامع الأموي، وقد نُقلت هذه المزولة (الساعة الشمسية) إلى المتحف الوطني 1959 وهي محطمة وفيها قطع ناقصة ومكونة من لوح رخامي أبيض (بقي بعض أجزائه) نُقشت عليه دوائر البروج الاثني عشر، يتوسط هذا اللوح مؤشر نحاسي مثبت بشكل عمودي عليه. وقد دُوِّن على أحد جانبي اللوح النص التالي:
” وُضعت هذه الآلة الجامعة للأعمال الميقاتية برسم الجامع الأموي في دولة سيّدنا مولانا السلطان الملك (……………..) سيف الدنيا والدين منجك كافل الممالك الشريفة بالشام المحروسة أعزّ الله أنصاره في نظر مولانا العبد (……) بيد مصنِّفها علي إبراهيم بن محمد الأنصاري المؤقت في الجامع الأموي الشهير بابن الشاطر عـ (مل…..) سنة ثلاث وسبعين وسـ (بعمايه ” وذلك في العصر المملوكي البحري في عهد السلطان الأشرف شعبان.
ثم ظهر بعد ذلك العالم تقي الدين ابن الراصد وهو من العلماء الذين اهتموا بصناعة الساعات الميكانيكية وألف فيها الكتب والرسائل المختلفة منها (كتاب الكوكب الدري في البنكامات الدورية) والذي أتمه عام 959 هـ 1552م وكذلك له كتاب (علم البنكامات)
ومن اسهامات علماء المسلمين في مجال علم البنكامات ابتكارهم للساعات الشمسية أو ما يعرف بالمزولة والتي تعتمد في عملها على الشمس لتحديد الوقت في النهار وبالتالي تحديد ميعاد صلاتي الظهر والعصر ويتم ذلك ن طريق ظل عود ثبت عموديا على لوحة مرقمة جدارية أو مسطحة أفقية وكانت المزولة تصنع من الرخام أو الحجر كما كان بعضها ينقش على جدران العمائر وأرضياتها ولقد أرتبطت المزاول بالعمائر الدينية وخاصة المساجد ولم يكن المؤذنون يؤذنون للصلاة إلا بعد التبين الميقاتي عن طريق المزولة الموجودة بالجامع والقد انتشرت المزاول في المساجد فوجدت في الجامع الازهر سبع مزاول لم يبق منها سوى اثنين فقط
من عمل أحمد باشا كور والي مصر العثماني سنة 1161هـ/1748م، إحداهما مهملة على السطح والأخرى على يمين الداخل من باب المزينين وعليها كتابة شعرية من
ثلاثة أبيات نصها
مزولة متقنة نظيرها لا يوجد
راسمها حاسبها هو الوزير الأمجد
تاريخها أتقنها وزير مصر أحمد
كذلك وجدت المزاول في جامع محمد بك ابو الذهب وجامع ابن اطولون واشتهر بعض الصناع بعمل المزاول أمثال حسن الصواف ومحمود ابن حسن النيشى وأحمد باشا كورلى وغيرهم وكان الصناع يزخرفون ما يصنعون من مزاول بالآيات القرآنية وأبيات الشعر واسم الصانع تسبقه عبارة من عمل وتاريخ صناعة المزولة واسم من صنعت له .
وبذلك نرى أن علما المسلمين كان لهم الفضل الأكبر فى معرفة العالم بالساعات المختلفة بل أنهم ساهموا بشكل كبير في تطور علم الساعات حيث ابتكر هؤلاء العلماء الساعات الشمسية والمائية والميكانيكية كما أنهم عرفوا ساعات الحائط وغيرها من الساعات وابتكروا رقاص الساعة أو البندول ويرى الدكتور برنارد الاكسفوردى أن العرب هم الذين طبقوا الرقاص على الساعة مما يؤكد أنهم توصلوا إلى معرفة قانون مدة الذبذبة ولقد نقل الاوربيون هذه التقنية عن المسلمين وكانت احدى الأسس التي قامت عليها النهضة الاوربية في العصر الحديث ولكن القليل من علماء الغرب من ينصف الحضارة الاسلامية وينسب الفضل لأهله ولكنهم أبوا أم شاءوا فلا يستطيع أي منصف انكار فضل الحضارة الإسلامية على حضارة الغرب فنحن العرب قدمنا لهم الأساس القوى الذي شيدوا عليه تلك الحضارة التي يفاخرون بها علينا في وقت لم يبق لنا فيه سوى حضارة الأجداد وأمجادهم .
أشهر الساعات فى الحضارة الاسلامية
ساعة المدرسة المستنصرية
لقد استعمل العرب الساعات لمعرفة أوقات الصلوات والصيام ويذكر الجاحظ أن المسلمين كانوا يستعملون بالنهار الاسطرلابات وبالليل المنكبات ولهم بالنهار سوى الاسطرلابات وظل يعرفون به ما مضى من النهار وما بقى ولقد انتشرت الساعات العربية في المساجد والمدارس ومعاهد العلم وعينوا لها المهندسين للاشراف عليها والعناية بها وصيانتها واصلاحها اذ اما توقفت والفوا الكتب في علم الأوقات وفي المؤقتين والساعتيين بالجوامع والمدارس ومن هذه الساعات ساعة المدرسة المستنصرية العجيبة وقد ذكرت في كتاب خلاصة الذهب المسبوك وفي كتاب الحوادث الجامعة وآثار البلاد للقزوينى والعسجد المسبوك للخزرجى وملخص أمرها انه في ثامن جمادى الآخرة من سنة 633 هـ بكامل بناء الايوان الذي انشئ قبالة المدرسة المستصرية وركب في صدره صندوق الساعات على وضع عجيب يعرف عنه اوقات الصلاة وانقضاء الساعات الزمانية نهارا وليلا والصندوق عبارة عن دائرة فيها صورة الفلك وجعل فيها طاقات لطاف لها أبواب لطيفة وفي طرفي الدائرة باران من ذهب في طاستين من ذهب ووراءهما بندقتان يدركهما الناظر فعند مضى كل ساعة تتفتح فم البازين وتقع منهما البندقتان وكلما سقطت بندقة انفتح باب من أبواب تلك الطاقات والباب مذهب فيصير حينئذ مفضضا وحينئذ تمضى ساعة زمانية واذا وقعت البندقتان في الطاستين فأنهما تذهبان إلى مواضعهما من نفسيهما أي بصورة تلقائية ثم تطلع شموس من ذهب في سماء لازوردية في ذلك الفلك مع طلوع الشمس الحقيقية وتدورمع دورانها وتغيب مع غيابها فاذا غابت الشمس وجاء الليل فهناك أقمار طالعة من ضوء خلفها كلما تكاملت ساعة ذلك الضوء في دائرة القمر ثم تبدأ في الدائرة الأخرى إلى انقضاء الليل وطلوع الشمس فيعلم بذلك أوقات الصلوات .
ومن أشهر الساعتين الذي عملوا في هذه المدرسة نور الدين الساعاتي البعلبكى الأصل الذي كان يتولى تدبير الساعات تجاه المنتصرية ببغداد
ساعة باب جيرون بدمشق ولقد سبق الحديث عنها والاشارة اليها اعلاه
الساعة الدقاقة ( ساعة الفيل )
ومن أشهر ساعات العصر الإسلامي هي الساعة الدقاقة إلى أرسلها هارون الرشيد إلى شارلمان وهي ساعة مائية تدق في كل ساعة بسقوط كراتها النحاسية على قرص معدني وهي ساعة مائية دقاقة كانت تدق في كل ساعة بسقوط كراتها النحاسية على قرص معدني وكانت عندما تدق ويصدر عنها صوتا ظنوا ان بها عفريتا او حنا وكيف لا واوربا في ذلك الوقت كانت تعيش عصر الظلمات والجهل والتخلف ففي الوقت التي وصلت قبة الحضارة ، القرية إلى أوج الازدهار والتقدم وأصبحت اللغة العربية لغة العلم في العالم كان الامبراطور شارلمان جاهلا لا يعرف القراءة أو الكتابة ويجتهد من أجل أن يعرف كيف يكتب اسمه .
علم البنكامات ( الساعات ) في غرب العالم الاسلامي
إن تقدم المسلمين في تكنولوجيا صناعة الساعات لم يقتصرعلى على شرق العالم الاسلامي بل وجدت نهضة علمية كبيرة في هذا المجال في غرب العالم الاسلامي (المغرب والاندلس) وشهد هذا المجال العديد من المؤلفات التي تشهد بما وصل اليه هذا العلم من تطور وازدهار ومن أشهر هذه المؤلفات مخطوطة المرادى وهو المهندس العربي أحمد أو محمد بن خلف المرادى (نسبة الى بنى مراد وهي قبيلة يمنية معروفة في الأندلس) وهي مخطوطة تم اكتشافها بأسبانيا في سبعينيات القرن العشرين وتتناول المخطوطة تقنية صناعة الساعات المائية .
ومن أشهر العلماء الذين أبدعوا في هذا العالم الفلكي الشهير الزرقالى الذي شيد ساعتين مائتين كبيرتين على صفاف نهر تاجه عند طليطلة عام 1080م وكانت هاتان الساعتان لاتدلان على الوقت فحسب بل كانتا توضحان طور القمر أيضا
كذلك شيدت العديد من الساعات المائية الضخمة في مدن المغرب خاصة مدينة فاس خلال القرن الثامن الهجري / الرابع عشر الميلادي
الساعاتية والميقاتية فى الحضارة الإسلامية
لقد كان للميقاتية والساعاتية أهمية كبيرة فى العصر الاسلامي لا سيما في تلك المنشآت التي تضم ساعات وذلك لأنهم هم الذين يحددون من خلال الساعات أوقات الصلوات المفروضة ومرحت كل منشأة على تعيين ميقاتي بها تولى هذا الأمر مقابل أجر حددته بعض الوقفيات وأشهر من تولى هذا الأمر نور الدين الساعاتي ميقاتي المدرسة المستنصرية ببغداد
وهكذا نرى أن علم البنكامات (الساعات ) في العصر الاسلامي قد وجد رعاية وعناية كبيرة وان هذا العلم وصل إلى درجة كبيرة من التقدم والتطور على أيدي علماء المسلمين في شرق العالم الاسلامي وغربه وقد تعددت وتنوعت الساعات فى الحضارة الإسلامية وأفاض المؤرخون في حصر أنواعها كالخوارزمي في كتابه مفاتيح العلوم الذي ذكر العديد من أنواع الساعات التي ابتكرها المسلمون مثل ساعة القيل وصندوق الساعات والمكحلة واللوح والكأس والطاووس والرخامة والسياف والقرد وغيرها .
ورغم ما قدمه علماء المسلمين من اسهامات في هذا العلم كان لها فضلا في تطوره فيما بعد إلا أن القليل من علماء الغرب هم من ينصفون الحضارة العربية ومن هؤلاء العلماء دونالدهيل الذي ذكر في كتابه عن العلوم الهندسية فى الحضارة الإسلامية
” أن ساعات ضبط الوقت كانت معروفة فى العالم منذ القرن الحادي عشر الميلادي ـ الثامن الهجري قبل أول ظهور في الغرب لساعة تدار بآلية تثاقلية بمائتي عام على الأقل” .
ورغم ذلك يرى بعض العلماء الأوربيين يرى أنه من العار أن يرى أوربا النصرانية مدينة للعرب فذلك لا يقبل إلا بصعوبة يقول جوستاف لوبون في كتابه حضارة العرب: ” أنه كان للحضارة الإسلامية تأثير عظيم في العالم وأن هذا التأثير خص بالعرب وحدهم فلا تشاركهم من الشعوب الكثيرة التي أعتنقت دينهم وأن العرب هذبوا البرابرة الذين قضوا على دولة الرومان وأن العرب هم الذين فتحوا لاوربا ما كانت تجهله من عالم المعارف العلمية والأدبية والفلسفية بتأثيرهم الثقافي فكانوا ممدين لنا وأئمة لنا ستة قرون”.
كذلك كانت العالمة سيجريد هونكة في كتابها شمس العرب تسطع على الغرب من هؤلاء القلائل الذين أنصفوا الحضارة العربية وعرفوا فضلها على الاوربيين والعالم كله في مجالات عدة .
هؤلاء قليل من علماء أوروبا الذين أنصفوا الحضارة العربية واعترفوا بفضلها اما جل علماء أوروبا فيروا أنه من العار أن يقال أن أوروبا التصرانية مدينة للعرب
المؤلفات العربية فى علم الساعات
يعرف علم الساعات فى الحضارة الاسلامية بعلم البنكامات وهناك الكثير من المؤلفات العربية فى فى هذا العلم كلها تشهد بما وصل اليه هذا العلم من تطور وتقدم فى الحضارة العربية .
ومن أشهر وأبرز المؤلفات العربية التي تناولت تقنية صناعة الساعات وخاصة الساعات المائية مخطوطة المرادى وهو المهندس العربي أحمد أو محمد بن خلف المرادى نسبة إلى بنى مرد وهي قبيلة يمنية معروفة في الأندلس وهذه المخطوطة محفوظة في اسبانيا ولم يكشف عنها إلا فى سبعينيات القرن العشرين .
كذلك من أشهر المؤلفات في علم البنكامات مؤلف بن رضوان الساعاتي وهو مخطوطا ضخما لوصف الاصلاحات التي اجراها للساعات المائية التي انشأها والده عند بوابة جيرون بدمشق حاولى عام 1160 م .
ويقال أن الفلكي الشهير الزرقالى كان قد شيد ساعتين مائتين كثيرين على ضفاف نهر تاجه عند طليطلة عام 1080م وكانا ساعتان لا تدلان على الوقت فحسب بل اتهما كانتا ايضا توضحان طور القمر كما كانت هناك بعض الساعات المائية الضخمة التي شيدت في مدينة فاس بالمغرب في القرن الرابع عشر الميلادي
ويقول دونالدهيل في كتابه عن العلوم والهندسة فى الحضارة الاسلامية ” ان ساعات ضبط الوقت كانت معروفة فى العالم الاسلامى منذ القرن الحادي عشر الميلادي ـ الخامس الهجري قبل اول ظهور في الغرب لساعة تدار بالية تثاقلية بمائتي عام على الأقل.