المحتوي
تعتبر قبة الصغرة من اهم وأبدع اثار الامويين كما انها اقدم اثر اسلامى فى تاريخ العمارة الاسلامية وقد شيدها عبد الملك بن مروان سنة 72 هـ 6910 -692 مـ
ويغلب على الظن ان الخليفة الاموى كان يرمى عن وراء ذلك البناء غرض معين وهو تعظيم السخرة المقدسة والحفاظ عليها من عبث العابثين واحاتطها بسياج هذا فضلا من انة اراد ان بينى بناء ينافس الكنيسة المجاورة والتى تحتفظ بالضريح المقدس
والصخرة عبارة عن قطعة من الصخر تقع تحت القبة فى وسط مسجد الصخرة ويبلغ طول الصخرة من الشمال الى الجنوب 18مـ وعرضها من الشرق الى الغرب 14 مـ واعلى نقطة فيها مرتفعة عن الارض بمقدار 1.50 مـ ويحيط بها سياج خشيى منقوش ومدهون ويقع تحت الصخرة مغارة ينزل اليها من النحية الجنوبية باحدى عشرة درجة وشكلها قريب من المربع وطول كل ضلع منها 4 مـ ولها سقف ارتفاعها 3 مـ
اما مسجد الصخرة نفسة والقبة التى تعلوة فهو عبلارة عن بناء مثمن الشكل اربعة اضلاع منة تقابل الجهات الاصلية وبها المداخل الاصلية وبها المداخل الاربعة ويتوسط البناء الصخرة المشرقة ويحيط بها قبة دائرية مكونة من اربعة اكتاف مكسوة بترابيع الرخام بين كل اثنين منها ثلاثة اعمدة من الرخام الملون تحمل ستة عشر قوسا مكسوة بالرخام الابيض والاسود وقوق الجزء الدائرى رقبة القبة وهى مكسوة بالفسيفساء باشكال زخرفية قوامها فروع نباتية بالوان متجانسة يغلب عليها الالوان الاخضر والازرق والذهبى ويوجد برقية القبة ستة عشر شباكا
وهذة الرقبة تحمل القبة المستدير العلوية وقطاعها الخارجى نصف دائرى كما يحيط بالمنطقة الوسطة الدائرية مثمن مكون من ثمانية دعائم موجودة فى اركانة وبين كل دعامتين عمودان يكونان ثلاثة عقود وتكون فى مجموع مداخل محورين يتقدم كل منها سقيفة مقامة على اعمدة
ولقد نقش اسم عبد الملك بن مروان فى شريط كتابى بالخط الكوفى على المتن الداخلى للقبة منقذ بالفص المذهب على ارضية زرقاء داكنة من الفسيفياء الزجاجية وقوام الكتابة ايات قرانية كما تضم الكتابات عبارة تشير الى تاريخ انشاء القبة نصها بن هذة القبة عبد اللة الامام المامون امير الموئمنين فى سنة اثنين وسبعين واسم الخليفة المامون والقابة مكتوبة بخط ضيق يخالف الخط المستعمل فى سائر اجزاء الكتابة فضلا عن ان سنة 72 هـ لا تقع فى فترة حكم الخليفة المأمون بل فى حكم عبد الملك بن مروان وهو الذى تنسب جميع المراجع التاريخية لة تشييد هذا البناء ويتبين من ذلك ان تغير حدث فى هذة الكتابة فى عهد المامون ولكن الصانع فاته ان يغير التاريخ بعد تغيير الاسم ويلاحظ ان القبة نفسها مصنوعة من الخشب مغطاة من الخارج بالماس الاصفر المذهب ذى النقوش البارزة
وهذة القبة اساسا تتالف من قبتان داخلية وخارجية الداخلية من الخشب ومكسوة بالرصاص وفى اول عهدها كانت مكسوة بالنحاس المذهب وهى حاليا قبة معدنية مكسوة بالواح الالومنيم الذهب الملون والمسافة بين القبتين 1 مـ ويبلغ قطر القبة 20 مـ وارتفاعها قمتها عن الارض 35 مـ ويعلوها هلال وطولة القبة نفسها اربعة امتار ونصف المتر
بناء قبة الصخرة
لقد اشترك فى بناء القبة صناع وقنانين من العرب والروم تحت إشراف اثنين من العرب هما رجاء بن حيوة الكندى أحدعلماء الاسلام من بيسان ويزيد بن سلام من الفرس (11)
ولقداعتمدوا فى البناء على بناءين ومعماربين محليين ولعل بعض هولاء كان من أصل بيرنطى اويونانى ولعل الخليفة نفسة قد إستقدم بعض المعماربين والمزخرفين من القسطنطينة إلاأن أكثر الذين ساهموا فى بناء مسجد الصخرة كانوا على ما ذكره المؤرخون من أهل القدس وكان بينهم كثيرة من النبطيين .
ويقدر المؤرخون العرب نفقات اعمال البناء بسبعة أصعاف خراج مصر السنوى أنذاك وحسينا أن نذكر أن المبلغ النقدى الذى تخلف فى الصندوق لدى إكتمال بلغ نحو من (000و100) مائه ألف دينار ذهبى
وقدا أمر الخليفة عبد الملك ابن مروان بهذة الرصيد
للرجلين اللذين اشرافا على اعمال البناء ليكون لههما مكافئة مجزية على قيامهم بالمهمة خير قبيام ولكن الرجلين اعتذار قائلين ((نحن اولى ان تذيد ة من حلى نسائنى فضلا عن اموالنا فاصرفها فى احب الاشياء اليك )) فامر عبد الملك بن مروان بان تنسيك المائة الف دينار وتفرع على القبة والابواب
اسباب بناء قبة الصخرة
لقد تعددت الاراء والاسباب التى قيلت بشلن بناء قبة الصخرة فالبعض يرى ان سبب بناءها ان عبد الملك بن مروان اراد ان يقيم بناء يعتز بة الاسلام بين روائع العمارة المسيحية فى بلاد الشام ولقد جاء بنا قبة الصخرة المشرفة فى ذلك الوقت الذى كان الاسلام فيه محتاجا الى ابنية رائعة ليجارى الكنائس الرومانية الرائعة
ولكنى ارى ان السبب الحقيقى لبناء هذة القبة الرائعة فوق الصخرة هى مكانة الصخرة المقدسة عند المسلمين فهى الصخرة التى عرج الرسول (ص) من فوقها الى السماء فى رحلة الاسرلء والمعراج وهى صخرة مقدسة من قديم الازل منذ عهد ابراهيم وموسى وعيسى ونظرا للمكانة المرموقة لهذة الصخرة ولما راى من كثرة القازورات عليها فراح يزيل عنها القازورات والقمامة بكفه وردائة ثم امر من اهل المدينة من النبطيين بتنظيف الصخرة وصلى عمر فوقها وأذن بالصلاة فوقها وراى انة نظرا لمكانة الصخرة فى نفوس المسلمينفقد اراد الخليفة عبد الملك ابن مروان ان يصونها ويعظمها بان شيد هذة القبة العظيمة عليها وارى انة لا صحة لها يقال انة شيد هذة القب حتى يكون عوضا عن المسلمين يحجون اليها بدلا من الكعبة المشرفة لان فى ذلك مخافة صريحة لشرع اللة واعتقد ان المسلمين كانو لا يقبلو بمثل ذلك ولا حتى علماء المسلمين لا سيما وانهم ما زال بينهم بعض الصحابة والتابعين وفى ذلك يحاول بعض المغرضين ان يشبهوا عبد الملك بن مروان بابرهة ملك اليمن
وفى هذا الشآن يقول المؤرخ المقدسى (( انة الى عبد الملك عندما راى كنيسة القيامة وكان المسيحيون يحجون اليها من كل صوب خشى ان تؤثر بفخامتها وروعتها على قلوب المسلمين فاعتزم ان يبنى فى القدس قبة مثلها او احسن منها وفعل
قالو عن قبة الصخرة
فى كتاب مقدسات الحرم الشريف قال فرجسون مؤرخ العمارة عن قبة الصخرة ((اننى لم اكن اتوقع مطلقا ان ارى هذة العظمة الساحرة والفتنة الفائقة فى هذة البناء وما زلت اذكر جيدآ كيف كان اعجابى عظيما بتاج محل زغيرة من الاضرحة الملكية فى مدينتى اجرا ودهلى وغيرهما فى مذائن الهند ولكن قبة الصخرة فى نظرى تفوقها جميعا وان مافيها من الاتقان وجمال التناسب الذى لا نظير لة ليفوق كل اثر اخر فيما اعلم ويقول ول ديورانت فى كتاب قصة الحضارة عن القبة انها سرعان ما اضحت رابعة عجائب العالم الاسلامى بعد مساجد مكة والمدينة ودمشق )
وقد وصفها المقدسى بقوله ((فاذا بزغت الشمس اشرقت القبة وتلالات المنطقة ورايت شيئا عجيبا وعلى الجملة لم ارى فى الاسلام ولا سمعت ان فى الشرق مثل هذة القبة ))
وقال عنها جوستاف لوبون فى كتاب حضارة العرب لا يقتصر قيمة مسجد الصخرة على ما يشير من ذكريات فهو من أهم المبانى العجيبة التى شادها الانسان انة اعظم بناء يستوقف النظر انة على مستوى من الجمال والروعة لا يكاد يصل الى خيال انسان )
اما كريزويل فيقول عنها فى كتاب لة تحت عنوان (( اصل المخطط الهندسى لقبة الصخرة ) قبة الصخرة ذات خطورة بارزة فى تاريخ العمارة الاسلامية فقد بهرت بيها ورونقها وفخامتها وتناسقها ودقة نسبها بل بسحرها كل من حاول دراستها من الباحثين)
اما المهندس هاتير لويس قال عنها ( بناء قبة الصخرة المشرفة فى القدس هى اجمل المبانى التى خلدها التاريخ )
كما ذكرها فان برثم فقال ( لعل عظمتها وجمالها يعودان لما نشاهدة فى مخططها من البساطة والتنسيق حقا انها مفخرة العمارة الاسلامية ))
كما اشاد بها جوستاف لوبون المؤرخ الفرنسى فقال ( ان بناء قبة الصخرة خصوصية نادرا فى تاريخ العمارة الاسلامية فقد اذهلت كل من حاول دراستها من حيث فخامتها وسحرها وتناسق اقسمها ودقة النسب الهندسى فيها
الدلالات التاريخبة لقبة الصخرة
لقد اجمع العديد من الباحثين والدراسين على ان بناء قبة الصخرة أبة فى الجمال ومن اجمل المبانى فى العالم
ولقبة الصخرة الكثير من الدلالات التاريخية فهى اقدم اثر اسلامى بقى على حالة منذ بنائة عام 72 هـ على يد عبد الملك ابن مروان ولم تغير التجديدات والترميمات التلى ادخلت علية فى العصور اللاحقة من شكله وتخطيطه
ان القبة الصخرة دلالة تاريخية من الناحية الدينية فقد شيدت القبة فوق الصخرة التى تحظى بمكانة عظيمة فى نفوس المسلمين لانها الصخرة التى عرج من فوقها الرسول (ص) فى رحلة الاسراء والمعراج الى السماء فهى دلالة على مكانة الصخرة وموقعها فى قلوب المسلمين الذين عظموها على مر الازمان واحاطوها بهذة البناء الجميل حفاظا عليها وصونا لها من العابثين
ان بنا قبة الصخرة تكلف الكثير من الاموال التى قيل انها بلغت سبعةاضعاف فرج مصر السنوى وقيل ان ما تبقى من المبالغ المخصصة لبناء القبة 100.000 دينار ذهبى فما بالك بالمبالغ التى انفقت على البناء نفسة وفى ذلك دلالة تاريخية من حيث الناحية الاقتصادية حيث يدل على الرخاء والاذدهار الاقتصادى للخلافة الاسلامية ف العصر الاموى التى امتلئت خزائنها بالاموال القادوة من البلاد الى فتحها المسلمون فى اسيا وافرقيا
ان بنا قبة الصخرة وتصميمها الرائع وزخارفها الجميلة لة دلالة تاريخية من الناحية المعمارية والفنية فهو يدل على البداية الحقيقية لازدهار فن العمارة العربية فى هذا الوقت المبكر من التاريخ الاسلامى وقد يكون العرب قد استعانوا ببعض الايدى العاملة الاجنبية الا ان المؤرخين اجمعوا على ان اغلب العاملين فى بناء قبة الصخرة كانوا عربا من الانباط بالاضافة الى ان المشرفين على العمل كانوا عربآ احدهما يدعى حيوة بن شريك والاخر يدعى يزيد بن سلام مما يؤكد ان العرب قد استوعبوا الكثير من فنون الكثير من السابقين عليهم وابدعوا فى عمارة صخرة القبة التى تعداولا عمارة عربية حقبقة فى بلاد الشام ومثل نادر من العمائر لا يتكرر كثيرآ
وان كان هناك بعض المستشرقين الذين ينسبون هذا العمل الى غير العرب واقول لهم اين هى النماذج المماثلة للقبة الشيرة قبل الاسلام ةالتى استلهم منها العرب هذا النموذج القذفى البناء والعمارة ان قبة الصخرة بشهادة الجميع تحفة اسلامية رائعة لجمالها وابداع زخارفها وتناسق اجزائها وظلت تصميمها فريدة فى العمارة الاسلامية فى عصورها المختلفة
- ان بنا قبة الصخرة فى القدس لة رمز للمدينة يتناسب مع قدسيتها وبعبر عن الامن والاستقرار الذى شهدتة الاموية والذى شجع على استقطاب المسلمين للاقامة والزيارة والتقديس
- ان قبة الصخرة تتميز بانها رمزآتراثيآ عربيا اسلاميآ وتعتبر تمثيلا صريحآ لاهمية الشكل الدائرى والثمانى وان القوى الكامنة فى هندسة عمارة قبة الصخرة والقوة الرمزية التراثية تشكل اطارآ فلسفيآ لاهمية هذة العمارة وعلاقتها بالانسان العربى المسلم برمزها الاسمى
- ان بناء قبة الصخرة هو رمز يدعو الى محتوى هام لة مكانتة الوجدانية
- ان عبد الملك ابن مروان ببناء قية الصخرة اراد اعطاء مدينة القدس مكانتها المشرفة فى العالم الاسلامى فهى قبلة المسلمين الاولى وهى المكان الذى حدثت فية معجزة الاسرلء والمعراج وهى المدينة التى دخلت الخليفة عمر بن الخطاب وصلى فيها
- ومدينة القدس هى المدينة التى اعلن فيها معاوية ابن ابى سفيان نفسة خليفة للمسلمين واعلان الدولة الاموية
- ةبالاضافة الى هذة الاعتبارات السياسية والروحنية وكانت القدس هى مراة المسلمين التى تعكس توجهاتهم الروحية والادبية عبر التاريخ
- لهذا قرر الخليفة عبد الملك بن مروان ان نقيم بناء مميزآ فوق الصخرة المشرفة لتكون اول صرح معمارى يقيمة المسلمين فى مدينة القدس
- ان اهمية قبة الصخرة من الناحية التاريخية تكمن فى كونها اقدم اثر اسلامى قائم فى العمارة الاسلامية كلها كما انها تؤكد اعتزاز العرب بجذورهم التاريخية وتدل على اهتمام المسلمين بها وتكريمهم لها بعد ان كرمها اللة عز وجل منها المكان الذى تلقى فية مع السماء
- ان اساليب الفنون والزخارف الاسلامية فيها كانت تنطوى على النظرة الاسلامية المجردة التى وضعت حدآ للفنون القديمة ومعالمها الوثنية واظهرت الفنون الاسلامية من خلال لوحات الفسيفساء الجدارية باسلوب فلسفى هادى ولقد اعترف العلماءالغرب بانة فن عربى اصيل اطلقوا علية اسم فن الارابسك
- لقد سعى عبد الملك بن مروان أن يكون عربيآ مسلما بكل المفاهيم والتقاليد العربية فى مخطط بناء قبة الصخرة وهذا يوكد اهتمام بالاصول العربية الاصيلة التى كانت مستعملة فى بلاد الشام فى الفترات السابقة ولم يكن لدى مهندسى العالم البارعين الا الاعتراف بهذا الابداع المثالى فى التناسق والجمال والذى ليس لة مثيل فى الدنيا .