المسجد الاقصى هو اشهر مساجد مدينة القدس بل والعالم الاسلامي واقدسها لدى مسلمي العالم كافة وهو اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين الذي شرفه الله تعالى بذكره في القرآن الكريم فى سورة الاسراء حيث قال تعالى “سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله” كما ذكره رسول الله (ص ) فى حديثه النبوي الشريف فقال “تشيد الرحال الى ثلاث مساجد المسجد الحرام والمسجد الاقصى ومسجدي هذا” ولقد كرمه الله تعالى بان جعل ثواب الصلاة فيه تعدل الف صلاة فى غيره فيما عدا الحرمين
ويقال ان اول من بنى المسجد الاقصى فى الاسلام هو الخليفة عمر بن الخطاب سنة 15هـ بجوار قبة الصخرة المقدسة ولقد اتفق جمهور المؤرخين على أن عمر بن الخطاب قد اقام مسجدا متواضعا وصغيرا فى الجزء الجنوبي من الحرم القدس بالقرب من المكان الذي يقال ان الرسول (ص) قد ربط به البراق قبل ان يعرج به الى السماء
وفى ذلك اشار ابن كثير فى البداية والنهاية الى أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه صلى تحية المسجد بمحراب داود ودخل لامسجد من الباب الذي دخلم نه الرسول (ص) ليلة الاسراء واشار عليه كعب الاحبار بجعل المسجد من ورائه فقال : ضاهيت والله اليهودية ثم جعل المسجد فى قبلى بيت المقدس وهو العمرى اليوم
والواقع أن هناك فرقا كبيرا من المسجد الاقصى الذي شيده عمر بن الخطاب فالمسجد الاقصى يطلق على المسجد القائم فى الناحية الجنوبية من الحرم وعلى بعد 500م الى الجنوب من مسجد الصخرة والذي بناه هو عبد الملك بن مروان فى عام 74هـ 693 م وكان الفراغ من بناءه فى عهد ابنه الوليد بن عبد الملك.
اما مسجد عمر او ما يطلق لعيه المسجد الاقصى الاول فهو الذي بناه عمر بن الخطاب وقد اختلف المؤرخون فى تعيين الوقت والموضع الذي بنى فيه عمر مسجده ولكن من الارجح انه قد بناه بعد فتح القدس مباشرة سنة 15هـ 636م ولقد وصف هذا المسجد شاهد عيان فى القرن الـ 7م وهو اركلف الذي ذهب الى الحج الى بيت المقدس عام 670م ورأى مسجد عمر بن الخطاب وذكر أنه مبنى مربع الشكل متواصع انشئ من عروق خشبية ضخمة موضوعة فوق مخلفات الخرائب ويقال ان المسجد كان يتسع لثلاثة الاف مصلى فى وقت واحد وبذلك نستطيع القول ان من بنى لمسجد الاقصى هو
عمر بن الخطاب
ولكن بناء ابن الخطاب لم يبق منه شئ وان كان قد شيد فى نفس الموضع الذي يوجد به المسجد الاقصى الآن ولكن المسجد الحالى يعود الى عهد عبد الملك بن مروان وابنه الوليد بن عبد الملك
والواقع ان المسجد الحالى ليس المسجد الاصلى الذي شيد فى عهد عمر ولا فى عهد الوليد بن عبد الملك المؤسس الحقيقي للجامع اذ تعرض الجامع لاحداث الزمن ولحقه الدمار اكث من مرة بفعل الزلازل والحرائق
ولقد وصف المقدس الجامع ى عصره فقال “أنه كان له ستة وعشرون باب اطلق على الباب المواجه للمحراب باب النحاس الأعظم حيث كان مغطى بصفائح من النحاس الاصفر والى يمين هذا الباب سبعة ابواب كبيرة اوسطها مغطى بالنحاس الاصفر وكذلك الحال فى ابواب الجانب الايسر اما ابواب القسم الشرقي فعددها إحدى عشرة باب غير مزخرفة وثمة عمد واسطوانات تحمل الاروقة ويغطى وسط الحرم سقف جمالوني تعلوه قبة جميلة ويكسو السقف الواح من الرصاص .
اما المسجد الحالى فهو يتكون من سبعة اروقة مكونة من عدد من العقود تتعامد على جدار القبلة وتتكون من أحد عشرة عقدا فيما عدا الرواق الاوسط فهو ارعض من الاروقة الاخرى ويبلغ ضعفها من حيث الاتساع فهو 11.80م فى حين أن عرض الاروقة الاخرى 6.50م ومحراب الجامع من عمل الناصر صلاح الدين الايوبي
والسقف الحالى للمسجد الاقصى يتكون من جمالونات (جمالوت) مرتفع يغطى الممر لااوسط ويتعامد عليه جمالون عرض ومنفض عن الأول ويسد بعض الفتحات الجانبية لمنور السقف وهذا يثبت ان هليس بالسقف الاصلى للمسجد
الدلالات التاريخية للمسجد الاقصى
ان المسجد رالاقصى له الكثير من الدلالات التاريخية فللجامع مكانة عظيمة فىنفوس المسلمين لانه اولى القبلتين وثالث الحرمين كما أنه مسرى رسول الله (ص) فقد كان الرسول (ص) وترجع اهمية المسجد الاقصى التاريخية والدينية عند المسلمين الى كونه يرتبط بحادثة الاسراء والمعراج قال تعالى “سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله لنريه من اياتنا انه و السميع البصير” وفى ذلك يقول ابن كثير “ان الرسول (ص) ركب البراق فلما جاء بيت المقدس ربطه بالحلقة التي كانت تربط بها الانبياء ثم دخل بيت المقدس فصلى فى قبلته تحية للمسجد وصلى بالأنبياء (5) .
إذن فلقد ارتبطت قدسية المسجد الاقصى بالعقيدة الاسلامية منذ كان القبلة الاولى للمسلمين فهو أولى القبلتين حيث ظل الرسول (ص) والمسلمين يصلون سبعة عشر شهراً متجهين ننحوه قبل ان تاتحول القبلة الى اكعبة ما توثقت اسلامية المسجد الاقصى بحادثة الاسراء والمعراج .
كما ربط الرسول (ص) مكانة المسجد الاقصى بالمسجد الحرام ومسجد المدينة فقال (ص) لا تشد الرحال الا الى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الاقصى” وما أن اتدرك المسلمين أهمية هذه المكانة الدينية لارفيعة للمسجد الاقصى وعلاقته الوثيقة بالعقيدة الاسلامية حتى بدأ وباسلمتها ماديا وسياسيا وكان للخلفاء الامويون الفضل فى تشكيل الوجه الحضارى الاسلامي للمسجد الاقصى وذلك لأن الامويين استطاعوا أن يفهموا المكانة الدينية والسياسية لبيت المقدس والمسجد الاقصى فى ذلك الوقت وخاصة فى ظل اكسار القوتين العظميين الفرس والروم أما المسلمين مكان لا بد للهم من ترسيخ الوجه الحضارى الاسلامي في بيت المقدس من خلال المسج الاقصى المبارك الامر لاذي نتج عنه تعمير منطقة المسجد الاقصى تعميرا يتلائم مع عظمة واستقرار وراء الدولة الاسلامية الفتية حيث نفذ التعمير فى عهد الخليفة عبد الملك بن مروان وابنه الوليد الذين نفذا مشروع اشمل تتضمن بناء قبة الصخرة وقبة السلسلة في عهد عبد الملك بن مروان وبناء المسجد الاقصى ودار الإمارة والابواب ومعالم اخرى عديدة فى عهد الوليد وكأن الخليفتين قد اتفقا على تنفيذ هذا المشروع وحدة كماملة حسب تخطيطات متفق عليها لاكساب المسجد الاقصى المبارك الطابع المعمارى الاسلامي المميز امام تحديات العمارة البيزنطية فى المنطقة والمتمثلة فى كنيسة القيامة وكنيسة المهد . وكذلك اهتم بعمارة المسجد الفاطموينو الايوبيين بعد أن طهروا المسجد من الصليبيين الذين حاولوا تغيير ملامحه والعبث به فاعاده الايوبيون الى ما كان عليه واضافوا اليه الكثير من الاضافات .
ولقد ورد عن الرسول (ص) الكثير من الاحاديث لانبوية الشريفة التي توضح فضل ومكانة المسجد الاقصى الشريف فى الاسلام فقد سأل اباذر النبي (ص) قال يا رسول الله (ص) اي مسجد وضع أول ؟ قال المسجد الحرام قال : قلت ثم اي! قال المسجد الاقصى . قلت كم بينهما ؟ قال اربعون عاما ” رواه البخارى وابن ماجة واحمد
وقال الرسول (ص) او من اهل بحجة او عمره من المسجد الاقصى الى المسجد الحرام غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر واوجبت له الجنة ” كذلك فإن الصلاة فى المسجد الاقصى بخمسين ألف صلاة ” وفي ذلك كله دلالة على مكانة المسجد فى الإسلام
المسجد الاقصى ودوره الحضارى والعلمي
حرص المسلمون منذ الفتح العربى للقدس على شد الرحل الى المسجد الاقصى المبارك للصلاة فيه ونشر الدعوة الاسلامية حتى ان الخليفة عمر بن الخطاب كلف بعض الصحابة الذين قدمو معه عند الفتح بالاقامة فى بيت المقدس والعمل بالتعليم في المسجد الاقصى المبارك الى جانب وظائفهم الادارية ومن هؤلاء عبادة بن الصامت وشداد بن اوس ومقاتل بن سليمان والليث بن سعد عالم مصر والشافعي .
كذلك رحص الشيوخ والزهاد والمتصوفة على شد الرحال الى المسجد الاقصى والاعتكاف به والتبرك به خلال القرنين الثلاث والرابع الهجريين .
ولقد شهد المسجد الاقصى فى القرن الخامس الهجرى حركة علمية قوية فكان بمثابة معهدا علميا عالميا عالميا لعلوم الفقه والحديث وذلك لكثرة ما وفد اليه من علماء وائمة الفقه للتدريس فيه وكان اشهرهم حجة الاسلام ابو حامد الغزالى الذي وفد اليه عام 488هـ معتكفا ومدرساًوذكر لنا حجة الاسلام أنه كان يوجد ثلثمائة وستون مدرس فى المسجد الامر لاذي المكانة الرفيعة التي حظى بها المسجد الاقصى عند المسلمين
وبعد الفتح الصلاحي عادت الحياة العلمية والدينية الى المسجد الاقصى ما يقارب قرنا من الزمان
وبذلك نرى ان المسجد الاقصى ظل على مدى قرون طويلة مركزا هاما لتدريس العلوم ومعارف الحضارة الاسلامية ومركزا للاحتفالات الدينية الكبرى كما كانت له دلالته التاريخية من الناحية السياسية فقد كان المسجد مكاناً لاعلان المراسيم السلطانية وبراءات تعيين كبار الموظفين بالدولة
أن المسجد الاقصى فى فلسطين له دلالة تاريخية فهو يرمز الى الوجود العربي الاسلامي في القدس وفلسطين وهو يمثل الهوية العربية واسلامية لها تاريخ طويل فى هذه الارض المقدسة وهو يؤكد وثبت لاحق التاريخي العربي والاسلامي فى فلسطين ووجود هذا المسجد وقبة الصخرة يجعلان من مزاعم اليهود حول حقوقهم ففى تلك البقاع امرا مثيرا للسخرية ورغم ذلك يحاول اليهو محو هذا الاثر الهام الذي يدركون تماما مغزاة ودلالته ومعناه فنجدهم تارة يتأمرون عليه بالحرق مثلما حدث فى عام 1969م حيث أتت النار على اجزاء من المسجد وحرقت منبر صلاح الدين الايوبي كذلك فإنهم يعملون على هدم الجامع الاقصى عن طريق عمل الكثير من الاتفاق والحفائر بالقرب من جدرانه واسفل المسجد بحثاً عن هيكلهم المزعوم وحتى الان اثبتت الحفائر ان كل ما يخرج من هذا المكان يدلل على عروبة القدس ويرد كيدهم الى نحورهم وما زالت الاخطار تحيط بالمسجد الاقصى من كل مكان رغية من اليهود
ازالة هذا الاثر لطمس اي معلم من المعالم التي تؤكد على عروبة بيت المقدس ومن ذلك ندرك ان الجامع الاقصى يعد دلالة قوية على الهوية العربية والاسلامية للقدس ووجوده يعد رمزا قويا من رموز العروبة والاسلام في فلسطين .
ومما يؤكد على رغبة اليهود فى ازالة المسجد الاقصى عن الوجود لمحور طمس الهوية العربية والاسلامية لمدينة ما ذكره تيودر هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية الذي قال “إذا حصلنا على القدس فسأزيل كل ما هو ليس مقدسا عند اليهود “