المحتوي
المسجد الاقصى فى العصر المملوكي
لقد خطيت مدينة القدس بصفة عامة والمقدسات الكائنة بها بصفة خاصة برعاية وعناية واهتمام سلاطين المماليك وعن أهمية مدينة بيت المقدس فى السياسية المملوكية ترجع الى أن طبيعة المدينة الدينية باعتبارها احد الأماكن المقدسة التي تتعلق بها قلوب المسلمين فى شتى انحاء البلاد ، والواقع ان اهتمام المماليك بالاقصى لم يكن أقل من اهتمام الايوبيين به وتشهد بذلك الكثير من المصادر التاريخية والوثائق المختلفة .
ولقد بدأ الإهتمام المملوكي بالاقصى منذ عهد الظاهر بيبرس البندقدارى مؤسس دولة المماليك البحرية الذي عمر قبة الصخرة سنة 660 هـ ورتب برسم مصالح المسجد الاقصى فى كل سنة خمسة الاف درهم ، وعمر قبة موسى ، وفى ستة 668 هـ زار مدينة القدس وجدد قبة السلسلة وعمر خانا كسرا بها ورمم شعت الصخرة ([1])
ثم توالت بعد ذلك أعمال التعمير والاصلاح فى المسجد ففى عهد المنصور قلاوون وبالتحديد فى عامن 686 هـ 1287 م عمر المنصور قلاوون ستقف الجامع الاقصى من ناحية القبلة ([2])
وفى عهد ابنه الملك الناصر محمد بن قلاوون وبالتحديد في عام 729 هـ 1328م تم وضع الرخام فى صدر المسجد الاقصى على يد الامير ناصر الدين ناظر الحرمين فى القدس والخليل ، وعمارة السور القبلى عند محراب داود ، وفتح الشباكين عن يمين المحراب ويساره واثبت ذلك نص كتابى سنعرضه فى الصفحات التالية .
وفى زمن اولاد الناصر محمد ، السلطان شعبان والسلطان حسن جددت ابواب المسجد الأقصى الخشبية سنة 778هـ 1376م ([3])
والجدير بالذكر ان الناصر محمد قلالاون كان أكثر سلا طين المماليك عناية بالاقصى حيث أنه بالاضافة الى ما سبق ذكره من أعمال فقد جدد تذهيب القبتين قبة المسجد الاقصى وقبة الصخرة ، وعمر القناطر على الدرجتين الشماليتين بصحن الصخرة ، احداهما مقابل باب حطة والاخرى مقابل باب الدويدارية احد أبواب المسجد الاقصى ، وعمر باب القطانين أحد ابواب المسجد الاقصى بالبناء المحكم ([4])
وفى عهد الناصر محمد بن قلاوون اوقف الامير تنكز نائب الشام مئذنة باب السلسلة وجدد مئذنة باب الغوانمة ، واوقف احد الاسواق على المسجد الاقصى وفتح شباكا فى المسجد ([5])
وقام العادل كنبغا بتجديد نصوص الصخرة الشريفة ، كما جدد عمارة السور الشرقي المطل على مقبرة باب الرحمة .
وقام المنصور حسام الدين لا حين بتجديد عمارة محراب داود الذي بالسور القبلى عند مهد عيسى عليه السلام بالمسجد الاقصى ، وشيدت فى عهده مأذنة باب الغوانمة فى الزاوية الغربية المسجد الاقصى ([6])
كما زاد الاهتمام بالمسجد الاقصى فى عهد الأشرف شعبان بن حسين الذي عمر المغارة الى عند باب الاسباط وجدد الابواب الخشبية المركبة على بوابات الجامع الاقصى ، وانشأ بعض اروقة الحرم ([7])
وفى زمن الاشرف اثبال عمر المسجد الاقصى على يد ناظر الحرمين الامير عبدالعزيز العراقي المشهور بابن العلاق ، وذلك سنة 865هـ 1460م كما جرى تعمر المسجد الاقصى فى عهد السلطان الاشرف قايتباى اخر سنة 894هـ 1488م ([8])
حيث صعب فى عهد قايتباي الابواب النحاس للمسجد الاقصى وانشأ العديد من المدارس بالحرم ([9])
وكان اخر الاضافات والتحديدات بالمسجد الاقصى فى العصر المملوكي فى عصر اخر سلاطين المماليك السلطان لغورى كما ورد فى كتابة على العضادة الكائنة بن الباب الثالث من اليمين والباب الكبير ([10])
ففي عهد الغورى جددت عماةر المسجد الاقصى ، كما اصلحت الفصوص ، وتم بياض الجدران ودهان الابواب وعمليات الترميم وغير ذلك ([11])
وذلك نرى أن المماليكخ عنوا عناية كبيرة بالمسجد الاقصى واضافوا واصلحوا ورمموا وجددوا وصنعوا الابواب واقاعوا القناطر ووالمآذن والشبل ، كما يذكران جميع الاروقة الممتدة من باب الغوانمة فى الشمال الغربى الى باب المغاربة فى الجنوب الغربى من انشاء ملوكهم وأن كان ايزر من اقترن اسمه بهذه الاصلاحات والتحديدات والإضافات هو الملك الناصر محمد بن قلاوون والسلطان قايتباي ([12])
ـ المسجد الاقصى فى القرن 9هـ 15م كما رآه مجير الدين
لقد انفرد مجير الدين فى كتابه الانس الجليل من بين مؤرخي العصر المملوكي باعطائنا وصفا ممتعا للمسجد الاقصى فى القرن 9هـ 15م .
زخارف المسجد الاقصى
يزخرف المسجد الاقصى بالعديد من العناصر الزخرفية التي تميز الفن الاسلامي عن غيره من الفنون ، ولقد تنوعت اشكال وطرز هذه الزخارف من زخارف كتابية من نصوص قرآنية ونصوص ونقوش تسجيلية تؤرخ لبعض الاصلاحات والتجديدات التي تناولت الاالاقصى فى المراحل التاريخية المختلفة .
ولقد حفظت لنا هذه النصوص الكتابية ما غفلت عن ذكره فى بعض الاحيان المصادر التاريخية ونستطيع من خلال دراسة كتابات المسجد الاقصى رصد لاعمال الاصلاح والاضافة والتجديد التي تناولته ، ولهذا فكان لان عند تناول الجامع الاقصى بالبحث والدراسة الا اغفل الحديث عن هذه الكتابات .
والواقع أن الفضل الاول فى الكشف عن هذه الكتابات ولفت النظر اليها يعود بالدرجة الأولى الى العالم السويسري ماكس فان برشم ، والذي نشر هذه الكتابات فى الجزء الذي خصصه لمدينة القدس فى كتبة الرائع “جامع الكتابات العربية ([13])
وسأعرض لنصين فقط من هذة النصوص نص كتابى من عصر المماليك البحرية يوثق لعمارة قام بها الناصر محمد بن قلاوون ونص من العصر المملوكى الجركسى و النصوص الكتابية نستطيع أن نقف من خلالها على المراحل المعمارية والزخرفية المختلفة للجامع الاقصى
النص الأول
هذا النص عبارة عن شريط دائرى ضيفق يتألف من سطر واحد منقوش داخل القبة التي تعلو المحرابو هو منفذ بالخط النسخ باللون الابيض على ارضية خضراء ويفصل اجزاء النص جامات بها زخارف هندسية ونص الكتابات
بسم الله الرحمن الرحيم جددت هذه القبة المباركة فى
ايام مولانا السلطان الملك الناصر العالم
العادل المجاهد المرابط المثاغر المؤيد
المنصور قاهر الخوارج والمتمردين محي العدل فى العالمين سلطان الاسلام محمد بن السلطان
الشهيد الملك المنصور قلاوون الصالحي تغمده
الله برحمته فى شهور نة ثمان وعشرين وستمائة
ان هذا النص الكتابى يوضح لنا أن القبة التي تعلو محراب الجامع الاقصى قد جددت واصلح فى عهد السلطات المملوكي الناصر محمد بن قلاوون ، وان كان كاتب هذا النص قد اخطا فى تسجيل تاريخ التجديد فى السطر الاخير من النص فذكر عام 628 هـ والصحيح هو عام 728هـ وهو العام الواقع فى الفترة الثالثة من حكم الناصر محمد .
ولقد أشار مجير الدين فى كتابه الانس الجليل الى ذلك التجديد اشارة مقتضبة فقال ” وجدد تذهيب القبتين : قبة المسجد الاقصى وقبة الصخرة”
هذا النص على لوح من الرخام مثبت فى حائط الرواق الشمالى الى يمين من المدخل الرئيسي على ارتفاع 3م من الارض ويكون لنص من سبعة أسطر بالخط النسخ باللون الابيض على مهاد خضراء نصها :
بسم الله الرحمن الرحيم أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كم آمن بالله واليوم الآخر
جددت عمارة المسجد الاقصى الشريف من اصلاح الرصاص بظاهرة وبقبة .
الصخرة الشريفة واصلاح الفصوص وبياض الجدد ودهان الابواب والترميم وغير ذلك
فى ايام مولانا السلطان المالك الملك الاشرف ابى النصر قانصوه الغورى
عز نصره بنظر المقر الاشرفي السيفي بكبابى ناظر الحرمين الشريفين ونائب
لسلطنة الشريفة بالقدس وأحد الامراء الاربعينات با
الديار المصرية ادام الله ايامه فى سنة خسم عشرة وتسعمائة “
ويؤكد هذا النص ما ناله المسجد الاقصى وقبة الصخرة من رعاية وعناية فى اواخر العصر المملوكي وبالتحديد فى عهد السلطان الغورى .
ويتضح لنا من خلال استعراض كتابات المسجد الاقصى مدى الرعاية والعناية والاهتمام التي حظى بها الاقصى فى العصر المملوكي شقية البحرى والجركسى وان كان هذا الاهتمام كبيرا وعظيما فى عهد بيت قلاوون بداية من السلطان قلاوون ومرورا بالناصر محمد وحتى فى عهد ابناءه واحفاده فكان اهتمامهم بالاقصى من ترميم وتجديد واصلاح وزخرفة اهتماما منقطع النظثير سجله لنا التاريخ وحفظته واظهرته لنا الكتابات والنصوص الموجودة فى انحاء المسجد المختلفة
(13) د أحمد عبدالرازق : أضواء على المسجد الأقصى وبعض الكتابات الأثرية فيه ، المجلة التاريخية المصرية ، المجلد السابع والعشرون ، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1981م ص 98 ، 99 ، 107 ، 108
المسجد الاقصى ودوره الحضارى والعلمي فى العصر المملوكي
شهدت مدينة بيت المقدس فى عصر سلاطين المماليك ازدهارا في مجالس الحياة العلمية ، هذا الازدهار عان نابعا من ساسية سلاطين المماليك ، والتي تمثلت فى العناية بالمقدسات حيث استغلوا جزءا كبيرا من ثرواتهم الضخمة لعراية تلك الاماكن المقدسة وبخاصة الحرم الشريف وقبة الصخرة ، وكان من نتيجة هذه الرعاية أن اتسعت دائرة النشاط العلمي فى بيت المقدس والذي تمثل فى اجتذاب اعداد كبيرة من العلماء وطلبة العلم وازدهار الحياة العلمية بفضل الاوقاف التى رصدها المماليك للمسجد الاقصى .
وليس أدل على ازدهار الحياة العلمية من كثرة المجالس العلية التي كانت تعقد طوال ذلك العصر فى المسجد الاقصى والتي تميز بها فى تلك الفترة التاريخية ، والتي غالبا ما كانت تدور حول العلوم الشرعية من فقه وحديث واصول ووعظ .
ويورد لنا أحد المؤرخين المعاصرين أو الذي زار بيت المقدس عام 874هـ / 1469م وصفا لأحد مجالس العلوم بالمسجد الاقصى حيث احتشدت الجموع الغفيرة التي اتسمت بالخشوع وبان عليها الخضوع والتقوى واستقرت منه الضلوع ، فلا ترى فى تلك الحضرة المقدسة الا كل ولى يعبد ربه ، ويؤمل بره ، ومنها من كان يحبى الليل بالسماع والعبادة ويختتم بالقرآن ويزيله .
وتشير كثير من المصادر الى كثرة تلك المجالس العلمية ، والتي كانت تعقد بصفة دائمة فى المسجد الاقصى ، حيث يزدحم الفضلاء فى تلك المجالس للسماء على احد العلماء البارزين ، من ذلك ما يؤكده لنا ابن حجر فى حديثه ع الشيخ اي بكر على بن عبد الله الموصل ثم الدمشقى نزيل بيت المقدس حيث كان يعمل المواعيد ، ويحضر مجالسه العلماء الكبار كالشهاب الزهرى وشمس الدين الصخرى وغيرهم ([14])
ويذكر مجبر الدين فى كتابه الانس الجليل انه وقع على درقه بها اسماء الحنابلة بالقدس الشريف نصها ” وأن قاضى القضاة علاء الدين العسقلاني الحنبلى قاضى دمشق عين لهم معلوما يصرف لهم من وقف المرحوم شمس الدين محمد بن معمر رحمه الله تعالى بشرط ملازمة الاشتغال والاجتماع فى الايام العتادة للدرس بالمسجد الاقصى الشريف عمر الله بذكره تاريخ الورقة المذكورة فى العشر الاوسط من شهر رمضان قدره سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة ” ([15])
وهو الامر يؤكد الدور الذي لعبته الاوقاف على المسجد الاقصى الشريف فى اثراء دوره العلمي والحضارى فى ذلك الوقت .
ـ الدراسة فى المسجد الاقصى فى العصر المملوكي
فى ذلك الزمان الذي لم تكن فيه مدارس ثانوية فق كان على الطالب ان يلقى علومه على ايدي احد المدرسين فى السمجد الاقصى حيث يقوم بالتدريس عن كبار مشاهد العلماء ورجال الدين فى ذلك الوقت ، والذين قاموا بتدريس العلوم الدينية من فقه وحديث واصول وقراءات ووعظ ، بالاضافة للعلوم اللغوية من لغة عربية ونحو وصرف ([16])
وكانت الدراسة فى المسجد الاقصى على هيئة ما يمكن ان يطلق عليه نظام المحاضرات ، حيث يجتمع الطلبة حول الاساتذة مكونين نصف دائرة او حلقة حيث يملى مادته او يشرحها بطريقته الخاصة ويدون الطلبة ملاحظاتهم ويسألون الاسئلة ويقوم هو أو مساعده بالاجابة عليها عقب انتهاء الدرس ، وقد تزداد اعداد الطلبة او تقل بحسب ([17]) شهرة المدرس او تمكنه من المادة التي تقوم بتدريسها
خطيب القدس
خطيب الاقصى فى العصر المملوكي
كانت هذه الوظيفة تسند الى من يقوم بالخطبة فى المسجد الاقصى ، ومن الملاحظ ان القائمين عليها كانوا احيانا يجمعون بينها وبن وظيفة القضاء او بينها وبين التدريس فى المدرسة الصلاحية ببيت المقدس ، وكان خطيب القدس غالبا ما يجمع بين الخطابة والقضاء والامامة والافتاء مرة من الزمن ، وأشهر من تولى هذا النصب من العصر المملوكي كانت عائلتي بنى القرقشندي وبنى جماعة بالقدس الشريف لمالهم من مكانة علمية ، وكان ابناء العائلتين يشتركون فى الخطابة بالتناوب .
وتجب الاشارة الى ان تولى منصب الخطابة فى القدس منذ بداية القرن 9هـ 10 اصبح عن طريق بذل المال للسلطان فقد روى أحد المعاصرين من ربه فى سنة 802هـ 1399م وفي عهد السلطان فرج بن برقوق ” ستقر بن السائح الدملى فى خطابة القدس ، بذل فيها ثمانين الف درهم ” ويبدوا انه كان يخصص لكل خطيب مسكن بجوار المسجد الاقصى ([18])
الأمامة بالمسجد الاقصى
كانت امامه المصلين من الوظائف الدينية التي لها ترتيب خاص فى الحرم القدس الشريف ، ويروى ابن شاهين الظاهرى “أنه يصلى بمسجد بيت المقدس فى اذن اربع صلوات على المناصب الاربعة أول ما يبدأ بمذهب الإمام مالك بجامع المغاربة ثم بالمسجد الاقصى على مذهب الامام محمد جاد ريس الشافعي ثم بقبة الصخرة على مذهب الامام الاعظم ابى حنيفة الزعمان ثم بقبة موسى والرداق الغربي على مذهب الامام احمد بن حنبل”
مع العلم بان هذه الاماكن كلها تقع داخل الحرم الشريف ، ويبدو أن هذه العادة كانت متبعة فقط فى صلاتي الظهر والعصر ، وأما صلاة الجمعة فغنما تقام بالمسجد الاقصى بمحل صلاة امام الشافعية لا غير ، وأما صلاة العيدين وصلاة الاستسقاء فإنها تقام فى المحراب الذي على صحن الصخرة الشريفة ، وعلى هذا الاساس يمكن القول انه كان هناك اربعة من الائمة داخل المسجد الاقصى على النحو التالى ، أمام الصخرة اي مسجد الصخرة على مذهب الامام ابى حنيفة ، أمام للمالكية بجامع المغاربة بالمسجد الاقصى ، وأمام لقبة موسى بالمسجد الاقصى على مذهب الامام احمد بن حنبل وكذلك امام بالمسجد الاقصى على مذهب الامام الشافعي ، وقد اشترط فى الامام ان يكون من اهل العلم والصلاح حافظا لكتاب الله مشهورا بالخير والدين وحسن لاصوت ، يحسن التلاوة عالما باحكام العبادات ، وأن يحضر الى المسجد اول الوقت وان لا يجمع بن امامه مسجدين
المؤذنون بالمسجد الأقصى
يبدو أن عدد المؤذنين كان كبيرا بيت المقدس وكان هناك وظيفة رئيس المؤذنين بالمسجد الاقصى الشريف ومسجد الصخرة ، وكان يشترط ممن يتولى هذه الوظيفة ” أن يكون حسن الصوت والاداء لديه حشمة ووقار ([19])
المؤقت والمقرئ
من الوظائف الدينية التي عرفت بيت المقدس على عصر سلاطين المماليك وظيفة المؤقت ، وهي وظيفة مرتبطة بالاذان .
ولقد اشار مجير الدين العلمي فى كتابه الانس الجليل ان احد مؤقتي بيت المقدس وهو الشيخ “شمس الدين محمد التميمي الموقت بالمسجد الاقصى الشريف كن من أهل الحذق فى فنه باشر التايت بالمسجد الاقصى مدة اربعين سنة ، وكان موجودا فى سنة خمس وخمسين وثمانمائة ” .
وهناك وظيفة المقرئ وكان حسن الصوت والاداء والترتيل وكانت توجد وظيفة تصرف بـ “رئيس لقراء بالقدس الشريف” ([20])
مكتبة الاقصى فى العصر المملوكي ”
كان الاهتمام بمكتبات المسجد الاقصى في العصر المملوكي هو امتداد لما بدأ المسلمون من ذلك ان السلطان صلاح الدين الايوبي عندما فتح القدس فإنه حمل الى قبة الصخرة والى محراب المسجد الاقصى مصاحف وختمات وربعات معظمات لا تزال بين ايدي الزائرين على كرسيها مرفوعة ، وعلى أسرتها موضوعة .
ولقد ملأ السلطان صلاح الدين الحرم الشريف بنسخ من القرآن الكريم الى أخضرها من مكتبة دمشق ، وغدت خزانة المسجد الاقصى من أهم الخزائن ببلاد الشام لما تحتويه من كنوز المعرفة ([21])
ففيها نصف مصحف قديم بخط كوفي كتب عليه “كتبه محمد بن الحسن بن الحسين بن بنت رسول الله” وإحدى ثلاث نسخ من مصحف مجزأ ثلاثين جزءا كتبها بيده أحد ملوك لمغرب ابن عبد الحق على رق وهي مجلدة على الطريقة المراكشية وموضوعة فى صندوق مزخرف بالمينا ، وبالخزانة مصاحف كبيرة جدا وصغيرة كتبت فى عهد المماليك وملوك بنى عثمان ومن كتبها” نشق الازهار” لابن اياس ، وحوادث الجو” لمؤلف مجهول ، وكتاب المعرفة والتاريخ” وغيرها ([22])
وهكذا نرى ان مكتبة المسجد الاقصى كانت غامرة حرص المسلمون فى المشرق والمغرب على تزويدها بالكتب والمجلدات
المسجد الاقصى والدلالة السياسية والدينية
كانت تقام فى المسجد الاقصى اغلب الاحتفالات عندما يزور احد السلاطين مدينة بيت المقدس ، حيث كان يصلح فيه ، ثم يجلس فى محراب المسجد لسماع شكاوي الناس وحل قضايهم ، كذلك كان كل نائب جديد يصل الى المدينة كلية أن يزور المسجد الاقصى يوم وصوله ، وهناك يستقبله الاهالى ، وكانت تقام احتفالات مختلفة اختفاء بهذا النائب الجديد بالاضافة الى الاحتفال بالخطباء والقضاة الجدد ، حيث تتم قراءة تواقيع التولية فى المسجد الاقصى عادة عقب صلاة الجمعة ([23])
الاعياد والاحتفالات الدينية بالمسجد الاقصى فى العصر المملوكي :
استمرت المواسم والاعياد والاحتفالات السنة بيت المقدس فى العصر المملوكي ، فقد استحسن الملك الظاهر مدرس راي صلاح الدين الايوبي فى هذا العمل وبنى مسجدا فوق قبر موسى عليه السلام ، وأكد ذلك الموسم ودعمه وكذلك فعل بقية السلاطين الذين حكموا بعده
ومن الاحتفالات الدينية الهامة بالمسجد الاقصى فى العصر المملوكي ليالى الوقود ويأتي على رأسها ليلة الاسراء والمعراج والتي كانت عادة ماتتم فى السابع والعشرين من شهر رجب من كل عام حيث تقام فى بيت المقدس احتفال عظيم مهيب بقبة الصخرة ، التي تصبحوكانها قبة من نور لكثر ما كان يوقد فيها من القناديل ولعل بعض المسلمين قد حرصوا على احياء تلك الذكرى بالصيام وزيادة الاجتماع فى المسجد الاقصى للذكر والقراءة وكذلك هناك ليلة النصف من شعبان ، وكان نائب المدينة يحضر تلك الاحتفالات ، حيث يتصدر مجلس العلماء ةوالفقهاء فى محراب المسجد الاقصى ، وكانت الاحتفالات تتذكر فى الحرم الشريف .
أما شهر رمضان فكان تقام صلاة التراويح بالمسجد الاقصى وبمغارة الصخرة ، وعند ابواب الحرم وكان اكثر سكان القدس يحضرون هذه الصلاة كامل شهر رمضان حتى “ان عددا من الأئمة مداخل الاقصى والصخرة وعند أبواب الحرم كانوا لا يقومون بوظيفتهم الا فى صلاة التراويح طولا شهر ووصفا من فقط ([24])