قبة الصخرة

يرجع اهتمام المسلمين بالصخرة الى علاقتها الوثيقة بقصة الاسراء والمعراج ، كما يظن البعض أن سيدنا ابراهيم عزم على أن يقدم عليها ابنه اسماعيل فداء كشف الخليفة عمر بن الخطاب عن مكان الصخرة بعد أن تسلم بيت المقدس ، إذ أنها كانت مطمورة بالاتربة ، فأذ بطرف ثوبه وملأة ترابا ورمى به فى الوادى المجاور ، المعروف باسم وادى جهنم ([1])

وفى العصر الاموي شرع الخليفة عبد الملك بن مروان فى انشاء مبنى قبة الصخرة عام 69هـ 688 م ، وكان الفراغ منها عام 72هـ 691م ، واوقف على عمارتها وعمارة المسجد الاقصى خراج مصر لسبع سنين ([2])

واستعان عبد الملك بن مروان فى انشاء القبة بصناع من اهل الشام ممن اتقنوا فنون العمارة ، وعلى الرغم من أن المبنى تقوم على قواعد العمارة البيزنطية الا انه سالامي الروح والطايع ([3])

ويرى بعض المؤرخين أن هدف عبد الملك بن مروان من بناء مسجد قبة الصخرة هو أن يصرف الناس عن الحج الى بيت الله الحرام خوفا من أن يخبرهم ابن الزبير اذا حجوا بالبية له ، وأنه قال للناس ان مسجد بيت المقدس يقوم لكم مقام المسجد الحرام ، وهذه الصخرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع قمه عليها لما صعد الى السماء تقوم لكم مقام ولقد انقسم المؤرخين مما يتعلق بالهدف والغرض الاساسي من بناء عبد اللمك بن مروان لقبة الصخرة فالبعض من الباحثين والمؤرخين صار فى كنف اليعقوبي لاذي اشار فى كتابه تاريخ اليعوقبى الى ان سبب بناء قبة الصخرة يرجع الى رغبة الخليفة عبد  الملك بن مروان لتحويلقوافل الحجاج السوريين ن مكة الى كانت حينئذ فى حوزة عبد الله بن الزبير .

فى حين ذهب الكثير من المؤرخين والباحثين وانا معهم مع الفريق الذي صار فى فلك وتحقيق المؤرخ المقدس الذي ذكر أن الخليفة عبد الملك بن مروان شيد قبة الصخرة لانه خشى ان تبهر المنشآت المسحبة فى القدس عقول المسلمين الامر لاذي حداه للتفكير جديا فى انشاء من يكون مثيلا ومكافئا لروعة الجوانب المعمارية والجمالية التي تتسم بها المباني المسحبة .

ويؤكد عبد القادر الريحاوي بأن صخرة المعراج هي المنطلق والهدف الاساسى من بنائها هو .. العناية بها (اى الصخرة) واحاطتها بالاطار المعمارى اللائق ، فكانت القبة هي اليق شئ واجمله ومن القبة التي تضم الصخرة وتظللها ، انتقلت الفكرة نحو التكامل ” ([4]) الكعبة ([5])

غير أن المؤرخين المصنفين اللذين ناقشوا هذا الموضوع نفوا هذه التهمة المغرضة عن عبد الملك بن مروان ، واثبتوا انه كان من التابعين المعدودين وموضعه م نالعلم والاسلام معروف ([6])

لقد كان الغرض والهدف الاساسي من بناء عبد الملك بن مروان لقبة الصخرة هو الحفاظ على هذه القبة المقدسة ، وبالفعل وضع تصميم هذه القبة ليخدم غرضين أولهما الحفاظ على الصخرة المقدسة من العوامل الجوية المتغيرة وثانيها هو جعلها مزارا جميلا يضاهى به عبد الملك بن مروان عمائر الديانات الاخرى الموجودة بالقدس ([7])

 الوصف المعمارى للمسجد الصخرة

أما الصخرة نفسها فهي كتلة غير منظمة من الصخر الطبيعي ابعادها (18م × 13م) وأقصى ارتفاع لها فوق الارض هو 1.50م وتحت الصخرة كهف مساحته 4.5م ([8])

 نفقات البناء

رصد عبد الملك بن مروان لبناء فيه الصخرة والمسجد الاقصى فراج مصر لسبع سنين ، ولقديمي من المبالغ المخصصة لبنائها مائة الف دينار فأمر عبد الملك بن مروان جائزة للرجلين المشرفين على البناء وهما رجاء بن حيوه الكندي احد علماء الاسلام من بيسان ويزيد بن سلام من القدس ولكنهما رفضا قائلين “يحس اولى ان تزيد من حلى نسائنا فضلا عن اموالنا فأصدقه في احب الاشياء اليك فأمر عبد الملك بأن تصنع منها صفائح ذهبية لكي بها القبة من الخارج ([9])

عمارة قبة الصخرة

يكون قبة الصخرة من بناء ضخم مسقطة ثمن خارجي ثم متمن داخلى ، وثالث اسطواني داخلى ايضا ، كله يحيط بالصخرة لحمايتها يتكون جدران المثمن الخارجي من ثمانية اضلاع فى طول الضلع 20.60م وارتفاع الجدرن 9.50م) قسم كل ضلع من اضلاع المثمن الخرجي الى سبعة تجاويف راسية ، بالجزء السفلى منها ، بينما فتح فى الاجزاء العلوية منها نافذة معقودة مغشاة بالقاشاني المفرغ وهي من الاصلاحات والتجديدات التي تمت فى العصر العثماني . ([10])

ويتوسط الاضلاع المقابلة للجهات الاربع الاصلية من المثمن اربعة ابواب مبلغ عرض المداخل 2.6 وارتفاعها 4.3م ويعلو كل مدخل نافذة ذات ققسو نصف دائرى ، وكل نافذة مزخرفة فى قسمها الاسفل بقشرة معدنية من البرونز او الابواب الحالية المصفحة تعود فقط الى السلطان سليمان القانوني ([11])

والمداخل محورية وهي متشابهة ما عدا المدخل الجنوبي الذي يتقدمه سقيفة مميزة ، والمداخل من النوع التذكارى البارز متوجه من اعلاها بسقيفة محمولة على عمد من الرخام ، والسقيفة مشكلة على هيئة نصف دائرة من الخشب المجلد بالتذهيب والالوان ، ويغلق على كل مدخل مصر اعان من الخشب كلها من التحديدات العثمانية ([12])

 نوافذ العينة

ينفتح فى اعلى كل ضلع من ضلوع المثمن خمس نوافذ بمعنى انه يوجد فى الجدران الخارجية للقبة اربعون نافذة ، تضاف اليها ستة عشرة نافذة مفتوحة فى رقبة القبة ، فيكون عدد نوافذ المسجد بست وخمسين نافذة ، والنوافذ مكسوة بالرخام المخرم المغشى بالزجاج الملون ، وهي التي تعرف باسم الشمسيات والتي تغمر القبة بمزيج من الالوان البديعة ([13])

القبة من الداخل

اعتمد تصميم البناء الداخلى للقبة على شكل مربعين متقاطعين يشكلان مثمن ، وضع فى زواياه الاكتاف الحاملة لسقف الممرات المحيطة بمنطقة الصخرة المقدسة ، وجعل امتداد رؤوس المربعين الى الداخل محددا المربع الاوسط الذي وضعت فى زوايا الاكتاف الحاملة لرقبة القبة .

وبهذا التصميم تشكل ممرين داخليين احدهما يحيط بمنطقة الصخرة والاخر متمن مفرغ بواسطة اكتاف واعمدة ، وتظهر براعة المهندس الذي وضع هذا التصميم فى انه وضع الدعامات المحيطة بالصفرة فى وضع ملفوت بعض الشئ حتى لا تحجب الاكتاف الرؤية للصخرة المقدسة ، وتقع الصخرة فى مركز هذه العناية مستطيلة المساحة ، ولها سطح مقوس ([14])

ويبلغ طول الصخة من الشمال الى الجنوب 18م وعرضها م نالشرق الى الغرب 13م ، كما بلغ اقصى ارتفاع لها عن لارض 1.5م ، ويحيط بهذه الصخرة لامقدسة سياج من خشب الخرط أمر بضعة السلطان الناصر محمد بن قلاوون فى سنة 725 هـ 1324م ([15])

ويحيط بالصخرة دائرة من الدعائم والاعمدة ، يبلغ عدد الدعائم اربعة ، وتقع من كل دعامتين ثلاثة أعمدة ، وتحمل هذه الدعائم واجهة اسطوانية مغطاة من الداخل بالفسفساء ويوجد بهذه الاسطوانة (رقبة القبة) ست عشرة نافذة مزخرفة بالقاشانى من الخارج ، وزخارف من الجص المعشق والمرفغ بالزجاج الملون من الداخل ([16])

يعلو رقبة القبة الخوذة وهي من طبقتين ، وهي كلها مشيدة من الخشب المغطى من الخارج بالرصاص ،ومن الداخل بطبقة من الجس المنقوش ([17])

وسلع قطر القبة (الخوذة) 20.44م وارتفاعها 20.4م والخوذة من الخارج مجلدة بالتذهيب والالوان والارتفاع الاجمالى للقبة 35.30م ويعلوها هلال من النحاس ارتفاعه 4.10م ([18])

مهندس القبة

ذكر كروزيل ان اسم مهندس القبة مجهول وليس هناك من شك كما ذكر كرويل فى ان واجبات رجاء بن حيوة الكندي ويزيد من سلام كما لهما الاشاف المالى والادارى على اعمال البناء ولا يمكن اعتبارهما مهندسين معماريين ([19])

ولكن من خلال كتابات احد المشرقين على القبة فى القرن السابع الهجري اعلما ابن اثين من المهندسين العرب وهما رجاء بن حياة الكندي ويز من سلام هما اللذان فاما بينهم وتنفيذ هذه القبة الرائعة  ،كما وصلنا اسم احد المشرين على القبة في العصر المملوكي ، وهو جعفر الدوسرى ، وذلك عام 792هـ ([20])

الاحتلال الصليبي للمدى وقبة الصخرة

عندما احتل الصليبيون القدس عام 493هـ 1099م قاموا بتحويل مسجد قبة الصخرة الى كنيسة عرفت فى لك الوقت باسم هيكل السيد العظيم ، فانتهكوا قدسيتها وشوا فوق الصخرة مذبحا ووضوا فيها الصور والتماثيل ([21])

كما اضاف الصليبيون الحاجز المصنوع من الحديد المخرم ، وهو الذي يفصل الصخرة عن باقي البناء وذلك يمنعوا القساوسة الذين كانوا فى بادئ الامر يقطعون الصخرة قطعا يحملونها الى بلادهم فيبعونها بوزنها ذهبا مما جعل ملوك الصليبيون بيأمرون باحاطتها بسياج م نالحديد المخرم ويكسونها بالرخام ([22])

قبة الصخرة فى العصر الأيوبي

عندما فتح صلاح الدين الاموي قبة الصخرة عام 583 هـ 1187م اسرع بازالة كل الدنس الذي عمله الصليبيون بغية الصخرة فأزال المذبح ومعا الصور والتماثيل ، كما رع الرخام الذي كتبت به الصخرة على ايدي الصليبيين ورحم نقوش القبة من الداخل ([23])

وتم فى عهد صلاح الدين بجديد تذهيب القبة  من الداخل وذلك حسب مان نجده اليوم مكتوبا من خلال الشريط الكتابى الواقع بداخل القبة والدي جاء فيه ما نصه “بسم الله الرحمن الرحيم امر بتجديد تذهيب هذه القبة الشريفة مولانا السلطان الملك الناصر العالم العادل العامل صلاح الدين يوسف بن ايوب تعمده الله برحمته فى شهور سنة ست وثمانين وخمسمائة “وقد عين صلاح الدين للمسجد اماما وعين لخدمته سدنه ووقف عليه الوقوفات لكي ينفق ريعها لصالح الصخرة المشرفة . ([24])

وقد عني ملوك نبو ايوب كلهم عناية خاصة بقبة الصخرة فكانوا يكنسونها بأيديهم ، ويغسلونها بماء الورد ، واضاف الهامن الداخل الملك العزيز عثمان الحاجر الخشبي الذي يحط بالصخرة نفسها ([25])

مسجد الصخرة (قبة الصخرة فى العصر المملوكي)

وفي العصر المملوكي لم ينسب سلاطين المماليك متابعة الاهتمام بقبة الصخرة والحفاظ عليها ، فقد قام السلطان الظكاهر بيبرس بتجديد الزخارف الفسيفسائية التي تكسوا الاقسام العلوية الواقعة فى واجهت التشمينة الخارجية وذلك عام 669هـ 1270م .

كما ان السلطان الناصر محمد بن قلاوون قام باعمال صيانة وترميم فى قبة الصخرة منها تجديد وتذهيب القبة من الداخل والخارج عام 718هـ 1318م وذلك حسب ما ورد فى الشريط الكتابى الموجود فى اعلى الرقبة الداخلية ونصه “بسم الله الرحمن الرحيم أمر بتجديد وتذهيب هذه القبة مع القبة الفوتانية برصاصها مولانا ظل الله فى ارضه القائم بسنته وفرضه السلطان محمد بن الملك المنصور الشهيد قلاوون تغمده الله قبرحمته وذك فى سنة ثمان عشرة وسبعمائة ” ([26])

وفي عهد الظاهر برقوق جددت دكة المبلغ الموجودة فى مواجهة الباب القبلى([27])

كذلك اوقف بعض سلاطين المماليك الاوقاف لصرف من ريعها على قبة الصخرة منها ما أوقفه السلطان الاشراف برسباى عام 836هـ 1432م الذي اوقف بعض الحبوس والأملاك ، خصص ريعها لعمارة قبة الصخرة ، كذلك انعم الملك الظاهر جقمق عام 852هـ 1448م على ناظر الحرم القدس بمبلغ الفين وخمسمائة دينار ذهب ومائة وشرين قنطارا من الرصاص عمر بها الصخرة من الخارج .

وفى عهد السلطان قايتباي صنعت الابواب النحاسية للمداخل الرئيسية لقبة الصخرة ([28])

قبة الصخرة فى العصر العثماني

لما تولى سلاطين الدولة العثمانية أمر مدينة القدس مذن عام 1517م لم يعتل أحد منهم العرش الا وفكر في أن يكون له شرف وضع بصمة من بصماته على قبة الصخرة يمنا وبركة ، ومن أبرز سلاطين ال عمان الذي وضع بصمته على الصخرة كان السلطان سلمان القانوني (949هـ 1542م) ([29])

فقد استطاع هذا السلطان ان يصبغ قبة الصخرة بالفن العثماني حيث استبدل الزخارف الفسيفسائية التي كانت تعطي الجدراء منذ العصر الاموي بالبلاط القاشاني المزجج والملون وذلك عام 959هـ 1552م ، كما قام بتجديد النوافذ الجصية الواقعة فى رقبة القبة ([30]) وقد سجل ذلك على لوحة نحاسية على الباب المعروف بباب الجنة ونصه “جدد بحمد الله قبة الصخرة من بيت المقدس الفائقة ببنائها فى ظل دولة السلطان الاعظم والخاقان الاكرم واسطة عقد الخلافة بالنصر والبرهان ابو الفتوح سليمان خان ” ([31])

وفى عهدي السلطانين عبد المجيد الاول والسلطان عبد العزيز تم انجاز اعمال ترميمات ضخمة استمرت من من الزمن ، كلفت خزينة الدولة اموالا طائلة حيث استدعى خبراء ومهندسون من خارج البلاد لتقوية وصيانة المبنى الاساسي للقبة وزخارفها ([32])

حيث اصلحت نقوش القبة واصبحت اليها بعض الزخارف وجددت عمارة الباب([33]) من الداخل والخارج .

وفى عهد السلطان عبد الحميد الثاني (1293 ، 132هـ)

تم كتابة سورة يسن الموجودة حاليا فى اعلى واجهات التثمينة الخارجية ، وقد كتبت بالخط الثلث على القاشانى ، وامر السلطان عبد الحميد بفرش مسجد قبة الصخرة المشرفة بالسجاد الثمين ([34])

 صيانة وترميم قبة الصخرة عبر العصور

لقد كانت قبة الصخرة وما تزال موضع تعظيم وتقدير ، وقد تناولتها يد اتلاصلاح والترميم والصيانة منذ العصر الأموي وحتى اليوم .

فقد حدث ان وقع زلزال عام 86هـ 705م وسارع الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك بترميمها كما تولى اصلاحها وترميم الكتابات والنقوش بها الخليفة العباسي المأمون عام 216هـ  831م وقد حدث ان العمال الذين قاموا بترميم يومئذ اراد وان ينزلفوا للمأمون ، فاستبدلوا اسمه باسم منشيئها عبد الملك بن مروان ، ولكنهم لحسن الحظ قد اغفلوا عن تغيير السنة التي اجرى فيها الترميم ([35])

وكان قد اشرف على أعمال الترميم اخيه ابى اسحق المعتصم وعاملة صالح بن يحيى ([36])

وفى سنة 301هـ 913م أمرت أم الخليفة المقتدر بالله يصنع ابواب قبة الصخرة ، فصنعت من خشب التنوب  ،وكانت عليها يومئذ مذهبة ، واصلح يومئذ جانب من السقف ، وتم ذلك على يد لبيد مولاها ، يدلنا على ذلك كتابة بالدهان الاسود وجدت على بعض الموائل (القباس) الخشبية التي يتألف منها القسم الجنوبي الشرقي للتثمينة الخارجية كتب عليها ما نصه :

“بسم الله الرحمن الرحيم … بركة من الله لعبد الله جعفر المقتدر بالله امر المؤمنين حفظه الله ، مما أمرت بهالسيدة أم المقتدر بالله نصرها الله وجرى ذلك على يد لبيد مولى السدية ، وذلك فى سنة إحدى وثلثماية ” ([37])

وفىالعصر الفاطمي تعرضت فلسطين لهزات ارضية عنيفة فى عام 407هـ 1016م ادت الى اصابة قبة الصخرة واتلاف بعض اجزاء القبة الكبيرة حيث بدئ ترميمها فى عهد الخليفة الفاطمي الحاكم بامر الله وساتكمل فى عهد ولده الخليفة الظاهر لاعزار دين الله ([38])

حيث قام الخليفة الظاهر بترميم سور المدينة القدس وقبة الصخرة وتمت العمارة على يد على بن احمد المنقوش اسمه على الاخخا الملصقة فى صدع الدهليز الذي فى رقبة القبة ([39])

زخارف قبة الصخرة

تعتبر الاعمال الفنية فى قبة الصخرة بمثابة الاساس والمنطلق السلسلة من الممارسات النشطة التي ارتقت بقيمة الناحية التزينية وجعلت منها امرا مكافئا ومماثلا لقيمة الجانب التركيبي وأهميته فى الحل التكويني المعمارى وتتمثل تلك الاعمال بالدرجة الأولى فى المشغولات الفسيفسائية ([40])

وتحتفظ قبة الصخرة فى كثير من اجزائها الداخلية بزخارف الفسيسفاء ، قوام زخارفها رسوم الاشجار والفاكهة والاواني التي تخرج منها الفروع النباتية ورسوم الأهلة والنجوم ، فهي تجمع بين بساطة التصميم وتناسق الاجزاء ودقة النسب وبين الجمال والفخامة والرونق وابداع الزخرفة ، وتعتبر زخارف الفسيسفاء بقبة الصخرة من أقدم الزخارف الاسلامية المؤرخة ([41])

وتعتبر تصادير هذه الفسفساء من ابدع الزخارف الاسلامية التي ترجع الى العصر الاموي حيث كانت تعطي القبة من الداخل والخارج كما أن اهمية هذه الزخارف ترجع بالدرجة الاولى الى التنوع الكبير لاشكال المرسوم النباتية والاستعمال المفرط لاشكال المجوهرات المصنوعة من الاصداف والاحجار الكريمة والمرصعة فى الاشكال النباتية ، وتعتبر هذه الفسفساء هي أحد الانجازات الفنية الكسرة التي ترجع الى العصر الاموي ([42]) أن فسفساء فيه الصخرة من عدة الاشكال والخامات فتدرج الالوان ما بين الاخضر بدرجاته والازرق بدرجاته والذهبي ، ودرجات من الابيض والفضى ، وقوام الزخرفة موضوعات يغلب عليها التأثيرات البيزنطية الى جانب عناصر ساسانية ، وغالب الزخرفة يعتمد على الزخارف النباتية والهندسية ، مثل الاشجار والنخيل واوراق الشجر وثمار العنب والاشكال المجنحة ورسوم الاهلة  والملاحظ أن المزخرف قام بوضع مكعبات الفسيفساء ذات الالوان البراقة مثل الذهبي والفضى بزاوية مائلة ليزيد من بريقها ، كما روعى فى زخارف الفسفساء تواقف المساحات مع موضوعاته الزخرفية ([43])

أن اهم ما عز الزخارف الفسفسائية فى قبة الصخرة فعلى الرغم من أن هذه الزخارف متعددة الاصول الا أن ثمة وحدة متبكرة جامعة تجمع سهاني اطار واحد ، ومن ثم فهي تعد الخطوة الاولى فى مجال الفن الاموي ، فثمة طابع مميز وروح جديدة ، فى هذه الزخارف لا نجدها فى حصيلة الفنون السابقة على الفن الاسلامي ([44])

 كتابات قبة الصخرة

أما العنصر الثاني من العناصر الزخرفية فى قبة الصخرة فهو الكتابات العربية التي تزين القبة

ومن اهم كتابات قبة الصخرة تلك الكتابات المنفذة بالخط الكوفي وهي نص تسجيلي يسجل تاريخ بناء القبة فى العصر الأموي يوجد هذه الكتابات على المثمن الداخلي للقبة وهي منفة بالفص المذهب على أرضية زرقاء والحنة منن الفسيفساء الزجاجية وقوام هذه الكتابات ايات قرآنية وتاريخ الانشاء ([45]) ما كتب فى الوجه الخارجي للتثمينة

الضلع الشمالى للمثمن (بسم الله الرحمن الرحيم لا اله الا الله وحده لا شريك له قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كمفوا أحد محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم )

أما الضلع الشمالى الغربي فكتب عليه (بسم الله الرحمن الرحيم لا اله الا الله وحده لا شريك له محمد رسول الله ان الله وملائكته يصلون على النبي”

أما الضلع الغربي للمثمن مكتاباته ” ياأيها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ـ زخرفة وردية ـ بسم الله الرحمن الرحيم … لا اله الا الله وحده لله الحمد”

أما الضلع الشمالى الغربي مكتاباته “لله الذي لم يتخ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولى من الذل وكبره تكبير محمد رسول الله ”

وفى الضلع الشمالى للمثمن “الله صلى الله عليه وملائكته ورسله والتسليم عليه ورحمة الله ـ زخرفة وردية ـ بسم الله الرحمن الرحيم لا اله الله وحده لا شريك له ”

اما الضلع المالى الشرقي ” له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو على كل شئ قدير محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقبل شفاعته يوم القيامة فى امته”

وفي الضلع الشرقي للمثمن “بسم الله الرحمن الرحيم لا اله الا الله وحده لا شريك له محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ زخرفة وردية ـ بنى هذه القبة عبدالله عبده وعلى الضلع الجنوبي الشرقي : الله الامام المأمون أمير المؤمنين فى سنة اثنين وسبعين تقبل الله منه ورضى عنه أمين رب العالمين والحمد لله”

كذلك توجد كتابات قرآنية كتبت على الوجه الداخلى للتثمينة ” ([46])

والجدير بالذكر أن كتابات الموجودة بالقبة يبلغ طولها نحو 240 م ويلاحظ أن الجزء الذي كتب فيه اسم الخليفة العباسى المأمون مكتوب بخط ضيق يخالف الخط المستعمل فى سائر اجزاء الكتابة ، فضلا عن ان سنة 72هـ لا تقع فى حكم المامون  بل فى شئ حكم عبد الملك بن مروان ، وهو الذي ينسب اليه تشيد القبة ، ويتضح من ذلك ان تغيير احد في هذه الكتابة فى عهد المامون ولكن الصانع فاته ان يغير التاريخ بعد ان غير الاسم ([47])

الزخارف الرخامية بقبة الصخرة

استخدم الفنان الرخام فى قبة  الصخرة فى كسوة الاعمدة وتيجانها وفى تكسية الواجهات الداخلية والخارجية للتثمينة الخارجية وكذلك فى تكسية الدعامات الحجرية ولكن ثمة عنصر اخر شكله من المادة الرخامية ، وهو الارفاريز الرخامية (الاطارات ) التي علت الدعامات الحجرية المكسوة بالرخام وكذلك الواجهات الداخلية للتثمينة الخارجية حيث جاءت هذه الافاريز الرخامية المحفورة والمزخرفة بزخارف نباتية وهندسية متجانسة الى حد كبير مع الزخارف الفيسفسائية من ناحية الوانها وموضوعات زخرفتها .

الزخارف القاشانية

استخدم القاشاني فى تكسية جدران قبة الصخرة فى عهد السلطان سلمان القانوني ، وكانت البلاات قد صنعت فى قاشان ونقلت الى القدس .

واستخدم الفنان على القاشاني عناصر زخرفية نباتية وهندسية والكتابات الاسلامية .

ان أهمية استخدام الكتابات فى زخرفة قبة الصخرة يرجع الى كون هذه الكتابات اقدم كتابة توثيقية يعود تاريخه للفترة الاموية من جهة ومن جهة أخرى فان مضمون ما جاءت من ايات قرآنية فيها ليعكس همية الرسالة التي اراد الفنان ان يوصلها لناظرين فى ذلك الوقت ، حيث اختار نصوص ايات من القرآن الكريم الدالة على وحدانية الله تعالى والتي نجدهافي سورة الاخلاص ،وما تيسر م نسورة مريم التي تذكرنا بسيدنا عيسى عليه السلام وتوضح مكان فى الاسلام كرد على ما جاء بشأنه من معتقدات عند النصارى ، فقد كان الصراع العقائدي فى اوجه فى الفترة الاموية ، حتى أن الامويين اهتموا به وردوا عليه من خل الايات القرآنية التي تدل عليه ([48])